تعتبر وفاة الدكتور محمد الأحمد الرشيد -رحمه الله- خسارة كبيرة للمجتمع السعودي كله وشيئا لا يصدقه العقل.
عندما نعود إلى الوراء قليلاً بحكم العلاقة التي تربطنا به، خاصة بأخي فهد زميل الدراسة تقريباً، ومع أخي عبدالعزيز، ومعي في فترة ما بعد الطفولة، وعلاقة عائلتي بوالده وأقاربه، تتجلى تلك العلاقة الحميمة أكبر وأكبر في مدينتنا المجمعة، وبعد أن كبرنا جمعتنا تلك العلاقة مرة أخرى في مدينة الرياض، في حي واحد تقريباً، وأكثر من ذلك فترة المذاكرة في نهاية العام الدراسي قبل الاختبار بشهر، نلتقي معاً يومياً في حديقة المربع بعد صلاة العصر (قبل بناء برج المياه الكبير) مع أخيه الدكتور عبدالله الذي كان يلازمه لننتقل بعد ذلك إلى مسجد الشمسية الواقع بين شارع الملك عبدالعزيز (البطحاء سابقاً) وشارع الملك فيصل (الوزير سابقاً)، بعد صلاة المغرب، حيث وجود الكهرباء لقضاء الوقت في المذاكرة حتى أذان العشاء، أثناء ذلك يمر علينا صاحب السمو الأمير محمد بن سعود الكبير -رحمه الله رحمة واسعة-، حيث كان يداوم على الصلوات في وقتها في هذا المسجد ويحثنا على أن نصلح شئوننا الدينية قبل الدنيوية، كلماته ما زالت علقة في ذهني وأرددها على مسامع أبنائي (يا أبنائي الصلاح قبل الفلاح)، بعدها نذهب إلى أحد بيوتنا بعد أن نؤدي صلاة العشاء لنتناول طعام العشاء مع بعضنا البعض، واستمرت العلاقات فيما بيننا تزداد ترسخاً ومتانة من خلال رحلاتنا البرية مع عمي محمد وأصدقائنا الآخرين، وكان دكتور محمد يردد على مسامعنا الكثير من النصائح، منها مواصلة الدراسة، وهي أهم من كل شيء، فهي غذاء الروح كما أن الأكل غذاء الجسم، وكم كنا فخورين بهذه العلاقة.
والدكتور محمد -يرحمه الله- غني عن أن نتحدث عنه فهو كنز من المعلومات، ثري بالدراسات، وضليع في التربية والتعليم، ملتصق بجميع الثقافات، فهو رجل نادر أن تلتقي بمثيل له في أخلاقه وفي أدبه وفي رزانة عقله، أنا لا أقول ذلك من فراغ ولكن الذين كتبوا عنه أثروا سيرته بكثير من المحاسن وأجادوا في الحديث عنه رغم قلة الكلمات التي كتبوها عنه، ولن يوفوه حقه فهو كما أراد الله له قمة في التعامل، لا تجد إلا قلة قليلة من الناس الذين يجارونه في دماثة أخلاقه وعلو مكانته، وما هذه الجموع الغفيرة من النساء والرجال والشيب والشباب الذين توافدوا على منزله إلا دليل على مكانته الواسعة، رحمه الله رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته وألهم أهله وإخوانه وأقاربه وقريباته الصبر والسلوان. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.