جاء اعتذار المملكة العربية السعودية بشكل رسمي عن الجلوس مع الأعضاء غير الدائمين الأربعة المنتخبين: تشاد وليتوانيا وشيلي ونيجيريا بالإضافة إلى المملكة بعد أن تم انتخابهم مؤخراً لمدة سنتين.
وربما كان هذا القرار السعودي سابقة تعتبر الأولى في تاريخ الأمم المتحدة ولأول مرة في تاريخ هذه المنظمة والذي يعكس عدم رضا المملكة عن مواقف الأمم المتحدة طوال تاريخها تجاه القضايا العربية والإسلامية وفي مقدمتها قضية فلسطين وآخرها الأزمة السورية.
ونظراً للصراع العربي - الإسرائيلي والذي امتد لأكثر من 60 عاماً ولم تفعل هذه المنظمة شيئا يذكر تجاهها ولم تتدخل لوقف المجازر التي ترتكب في سوريا ولم تساعد الأقلية المسلمة في ميانمار. فيما الطرف المحتل ما زال سادراً في تجاهله وصلفه وازدرائه للمجتمع الدولي متشبثاً بسياسته الظالمة الغاشمة ولم تنصر المظلوم على الظالم أو تقف بجانبه.
ودق البيان السعودي الصادر من الخارجية السعودية بهذا الخصوص ناقوس الخطر وعرى اتجاهات وتحركات وقرارات مجلس الأمن عندما قال: «إن آليات العمل وازدواجية المعايير الحالية في المجلس تحول دون قيامه بأداء واجباته وتحمل مسؤولياته تجاه حفظ الأمن والسلم العالميين على النحو المطلوب».
واعتبر البيان أن هذا الواقع أدى إلى: «استمرار اضطراب الأمن والسلم واتساع رقعة مظالم الشعوب واغتصاب الحقوق وانتشار النزاعات والحروب في أنحاء العالم. كما ذكر البيان خصوصاً إلى أن بقاء القضية الفلسطينية دون حل عادل ودائم لخمسة وستين عاماً، معتبرة الخارجية أن ذلك نجم عنه: «حروب عدة هددت الأمن والسلم العالميين».
أيضاً لفت البيان السعودي إلى فشل مجلس الأمن في جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من جميع أسلحة الدمار الشامل سواء بسبب عدم قدرته على إخضاع البرامج النووية لجميع دول المنطقة دون استثناء للرقابة والتفتيش الدولي أو الحيلولة دون سعي أي دولة في المنطقة لامتلاك الأسلحة النووية». في إشارة ضمنية إلى إسرائيل وإيران.
لا شك أن قرار وبيان السعودية المتزامنين حير النقاد وكثير من المحللين في أنحاء العالم، ولكن أغلب السياسيين العارفين ببواطن الأمور والمدركين للواقع الذي يشهده حال المنظمة لا شك أيضا أنهم يقفون إجلالاً واحتراماً للموقف السعودي المشرف، فسياسة المملكة المتوازنة بداية منذ موحد هذه البلاد وحتى اليوم عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز (أيده الله) انتهجت سياسة حكيمة لدعم القضايا العربية والإسلامية جنبتها الانزلاق في الفتن أو دعم أطراف متنازعة على حساب أخرى وعدم التدخل في شؤون الغير.
وعندما يصبح صوت المملكة مسموعاً ولا بد له أن يكون يتميز ولا شك بالحكمة والتعقل والهدوء والاتزان وبيان حقائق الأمور حتى ولو كان يتردد صداه عالياً فكل أمر فيه خير للعالمين العربي أو الإسلامي تجد أن المملكة تسلكه دون النظر في مصالحها الخاصة وكل ما يجمع شمل الأمة تعد المملكة رائدة في تجسيد تطلعات الشعوب الإسلامية نحو التضامن والوحدة وجمع كلمة المسلمين. فقد حرص المؤسس الملك عبدالعزيز آل سعود (طيب الله ثراه) وأبناؤه من بعده على العمل من أجل صالح المسلمين وجمع كلمتهم وتوحيد صفوفهم التي تعتبر الشغل الشاغل لحكومة المملكة على مر تاريخها عطفاً على الدعم المادي وبسخاء فهي تأتي في مقدمة الدول الداعمة والساعية لتخفيف آثار الأزمات والكوارث عبر مبادراتها الإنسانية والتزامها الأخلاقي فهي بفضل ثروتها الضخمة تعمل على ضخ المليارات لدعم قضايا الشعوب المنكوبة. فلذلك المملكة لا تمارس النقيضين وتعمل على الحق ضد الباطل ونصرة المظلوم ضد الظالم مهما كلفها هذا الأمر.
ولقد جاءت تطلعات بعض السياسيين والمفكرين من عرب وغربيين متباينة وبأن رفض المملكة الانضمام إلى المنظمة الدولية كمراقب غير دائم ربما يجدد آمال شعوب العالم في إصلاح المنظمة الدولية وبخاصة مجلس الأمن الذي وضح اليوم أنه يعاني من الشيخوخة واعتبروا أن هذا القرار سوف يعيد التوازن في آليات عمل المؤسسات الدولية عبر تحديثها وتجديدها ورفع مستوى التمثيل فيها.