كشفت لـ«الجزيرة» هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية «مدن» على لسان مديرها العام المهندس صالح الرشيد، أن نسبة المصانع الموجودة خارج المواقع المخصصة للمصانع تصل إلى نحو 40 % من إجمالي المصانع في المملكة.
ولفتت إلى أنه حسب قرار مجلس الوزراء الصادر مؤخرًا بعدم وجود مصانع خارج المدن الصناعية، فإن هناك لجاناً مشكلة من عدة جهات لتقييم تلك المصانع القائمة وستعمل «مدن» ضمن هذه اللجان، وخلال الفترة المقبلة سيتم معالجة وضع هذه المصانع التي تقع خارج المواقع المخصصة لها.
وشدد الرشيد على المصانع الجديدة بإنشاء مصانعها في المدن التي تشرف عليها «مدن» أو الهيئة الملكية للجبيل وينبع، ولن يسمح لها بإنشاء مصانع خارج تلك المدن الصناعية، مؤكداً على أن «مدن» على أتم استعداد لاستقبال المصانع القائمة خارج المدن الصناعية ما دامت ستلتزم بالمعايير والاشتراطات البيئية، داعياً في هذا الصدد المصانع إلى المبادرة والاستفادة من الخدمات والتسهيلات الكبيرة التي تقدمها «مدن» للصناعيين.
وأكد الرشيد في حديث لـ»الجزيرة» أن خطط «مدن» القادمة تتمثل بمتابعة السعي لتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها؛ وأهمها تعظيم دور الصناعة في الاقتصاد ودعم نمو الاقتصاد السعودي عبر تحفيز الصناعة المتقدمة لجعل المملكة سوقاً منتجاً للصناعات التقنية والمتقدمة، وربط الصناعة بالمجتمع كجزء مهم من دورة التطوير الاجتماعي والشخصي للمواطنين، إلى جانب تكملة المشاريع التي بدأناها في المدن الصناعية في مختلف مناطق المملكة، التركيز على استكمال توفير الخدمات المساندة والمرافق وتطوير خدماتنا لعملائنا، والاستمرار في بناء المصانع الجاهزة في جميع المدن الصناعية. كما أن «مدن» تواصل المساعي لجذب الاستثمار المحلي والأجنبي والمختلط وخصوصاً الشركات الصناعية العالمية ذات التقنيات العالية والتي تضيف قيمة اقتصادية للاقتصاد الوطني، وهناك تعاون مستمر مع الهيئة العامة للاستثمار والبرنامج الوطني للتجمعات الصناعية، وقد نجحت «مدن» في استقطاب العديد من الشركات الصناعية الكبرى مثل: «جي إي»، «آي بي بي»، «سيمنز»، «أيسوزو» ، وغيرها كثير، حيث الاتصالات مستمرة مع كثير من الشركات العالمية.
وبشأن تذمر بعض المستثمرين لمصانع مواد البناء الواقعة على طريق الخرج من تأخر تخصيص أراضٍ صناعية ضرماء، قال الرشيد: إن المدينة الصناعية بضرماء أرض جديدة تم استلامها هذا العام، وتم وضع المخطط العام لها وقريباً سيتم البدء بتطويرها خلال مدة تعتبر قصيرة جداً نظراً للطلب المتزايد عليها، مشيرا إلى أنه قد تم تخصيص أراضٍ لعدد من المصانع التي لديها تقنيات حديثة في صناعة مواد البناء، ونحرص أن تكون المصانع ملتزمة بمعايير البيئة وعدم تلويث المدينة أو الأحياء والطرق المجاورة، كما دعا المستثمرين إلى التقدم عبر موقع «مدن» الإلكتروني بطلب أرض وسيتم التخصيص وفق أولوية التقديم وتوفر المعايير الأخرى ذات العلاقة بتقنيات التصنيع والمحافظة على البيئة.
وبشأن المدن الصناعية الواقعة بالخرج وسدير، قال الرشيد: إن الأعمال بالبنية التحتية بالمدينة الصناعية بالخرج بدأت عام 2009 وكمرحلة أولى تم تطوير مساحة 2.5 مليون متر مربع، كما تم تأجير كامل المساحة المطورة خلال ستة أشهر فقط، لذا تم تطوير عدة مراحل حتى بلغت مساحة المطور حتى الآن 7.5 مليون متر مربع، وتشهد المدينة الصناعية إقبال المستثمرين الصناعيين وبلغ عدد المصانع المنتجة أو تحت الإنشاء أكثر من 200 مصنع، مبينا أن «مدن» تعمل حالياً على عدد من المشاريع لربط المدينة الصناعية بشبكة الطرق المحيطة، كما يجري حالياً استكمال إيصال التيار الكهربائي للمدينة والمتوقع الانتهاء منه خلال ستة أشهر.
أما بالنسبة لسدير، أشار الرشيد إلى أنه قد تم البدء بأعمال البنية التحتية والأعمال أيضاً عام 2009، وتعتبر مدينة سدير للصناعة والأعمال أكبر مدينة صناعية بمساحة إجمالية 260 مليون متر مربع، وقد شرعت «مدن» بتطوير المرحلة الأولى بمساحة 12.5 مليون متر مربع، ويمر بوسطها سكة الحديد، لافتاً إلى أن المدينة تشهد مشاريع لتطوير منطقة سكنية ومنطقة لصناعة مواد البناء، ومنطقة للصناعات الدوائية، وقد حققت «مدن» أهدافها باستقطاب الشركات لإنشاء مشاريعها الصناعية والخدمية وقد أجرت المساحات بالكامل، ونعمل الآن على توسعة وتطوير مراحل جديدة لنواكب الطلب على الأراضي الصناعية المطورة.
وتابع: للأسف هناك تعثر من بعض المصانع في بناء مصانعهم وقد تم سحب عدد من الأراضي من غير الجادين وخصصت مرة أخرى لمستثمرين آخرين، والآن هناك ثلاثة مصانع على الأقل بدأت الإنتاج وما يقارب 150 مصنعاً تحت التأسيس. أما بخصوص المدينة الصناعية بحفر الباطن، فقد تم التخصيص لعدد من المستثمرين وهي متاحة حيث المساحة المطورة تبلغ أكثر من مليون متر مربع.
وعن المعايير التي تتبعها الهيئة في حالة سحب الأراضي الصناعية من المستثمر، بيّن مدير عام هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية أن «مدن» اعتمدت معايير دقيقة لسحب الأراضي من المستثمر في حال عدم بنائه المصنع، وذلك من خلال تقرير زيارة لجنة متخصصة، ويتم إنذار المصنع خطياً بضرورة الالتزام باستمرارية العمل في إنشاء المصنع. حيث الجدول الزمني المتفق عليه مع المستأجر ينص على أن أقصى مدة لاعتماد المخططات هي ستة أشهر، وأقصى مدة لانتهاء أعمال البناء وبدء الإنتاج هي سنتين من تاريخ العقد، وفي حال عدم تجاوب المستثمر مع الإنذارات المرسلة، نجري دراسة حول حالة المصنع المتعثر، وبعد التأكد من إرسال الإنذارات اللازمة للمصنع، ترسل الهيئة إخطاراً بسحب الأرض وفسخ العقد.
وهنا، حذر الرشيد من عدم أحقية المستثمر تأجير أو بيع منشأته داخل المدن الصناعية إلا بعد التنسيق وأخذ الموافقة من «مدن» وفق ضوابط وإجراءات للحد من التلاعب والتدليس والتستر، وذلك حرصاً على حفظ حقوق جميع الأطراف سواء «مدن» أو البائع أو المشتري.
وحول عدم سماح الهيئة بإقامة سكن للعمالة داخل المصانع، أكد مدير عام هيئة المدن الصناعية ومناطق التقنية أن الأراضي في الأساس مخصصة لإنشاء المصانع، أما سكن منسوبي المصانع فقد خصصت لهم «مدن» منطقة سكنية، وطرحتها للمطورين العقاريين للاستثمار بإنشاء مجمعات سكنية وتجارية تليق بمنسوبي تلك المصانع من عمال وفنيين ومهندسين وعائلات في بيئة تتوفر بها المرافق والخدمات، كما أن هذا الإجراء من أجل سلامة العمال الجسدية والنفسية، إلى جانب أنها أكثر أماناً وتنظيماً. لافتا في هذا الصدد إلى أن إسناد خدمات السكن والإعاشة والنقل إلى شركات متخصصة تتيح للمستثمر الصناعي المجال للتركيز على تطوير صناعته واستثماره، بدلاً من بناء سكن وإدارته وتشغيله، مبينا أنه قد تم تشغيل هذه المجمعات الخاصة بالعمالة والفنيين في بعض مدننا الصناعية.
وتطرق الرشيد إلى أن استثمارات «مدن» وصلت إلى ما خطط له من حيث جدواها الاقتصادية، مبينا أن «مدن» حققت إيرادات بزيادة عن العام الماضي بنسبة 15 %، وأن أهم استثمار في الحقيقة هو تنمية مناطق المملكة واستقطاب القطاع الخاص للاستثمار في المدن التي أنشأتها الهيئة، حيث بلغ عدد المصانع حتى الآن تقريباً 5000 مصنع ما بين قائم أو تحت الإنشاء، بينما كانت قبل 2007 في حدود 1900 مصنع.
وعن جهود الهيئة في تعزيز وجود وتعدّد المدن الصناعية بمناطق المملكة، قال الرشيد: إنه قد يتبادر إلى ذهن البعض أن المدن الصناعية قائمة في المدن الرئيسية بالرياض وجدة والدمام فقط، ولكن الصحيح أن «مدن» عملت على تحقيق أحد أهم استراتيجياتها عبر التنمية المتوازنة لجميع مناطق المملكة وأخذت على عاتقها وضع النواة الأولى لاستقطاب التنمية للمناطق الواعدة، فالمدينة الصناعية جاذبة للاستثمارات المساندة والخدمية والسكنية والمرافق الحكومية، و«مدن» أنشأت مدناً صناعية في الخمس سنوات الأخيرة في كل مناطق المملكة وهي: جدة 2 و3 و4، سدير، الخرج، عرعر، حفر الباطن، جازان، الباحة 1 و2، شقراء، الزلفي، القصيم2، الرياض 3، وضرماء. كما قامت بتوسعة كل من: الدمام 2، المدينة المنورة، تبوك، حائل، عسير، نجران، لافتا إلى أنه سيتم خلال شهر وضع حجر أساس لمدن صناعية في الأحساء 2 و3، وبالتالي يمكننا القول إن كل مناطق المملكة بها مدن صناعية، وأن «مدن» تجاوزت العقبات وسنحقق أحد أهدافها بجعل عدد المدن الصناعية في المملكة أكثر من 40 مدينة صناعية. وتابع: إن إنشاء مدينة صناعية لا يعني توفير أرض بل يتطلب عدة مشاريع في البنية التحتية والمرافق والطرق وإيصال الكهرباء والمياه واستقطاب القطاع الخاص للاستثمار في بناء المصانع.
وبشأن المدن الصناعية الخاصة، أشار إلى أن «مدن» هي الجهة الحكومية المعنية بالترخيص والإشراف على المدن الصناعية الخاصة ومناطق التقنية الخاصة، وهناك عدة مدن خاصة يملكها مطورون صناعيون أو عقاريون يقومون بتأجير أو بيع أراضٍ بهذه المدن الصناعية، والهيئة قامت بتأسيس شركة مكونة من مجلس إدارة من ملاك هذه المدن والمصانع لتولي مهام التشغيل والصيانة.
وعما إذا ما كان للهيئة أي توجه للاعتماد على نفسها من حيث إنشاء إدارة تهتم بتوفير الخدمات كالكهرباء والمياه على غرار هيئة الجبيل وينبع، أكد الرشيد أن هناك اتفاقيات مع الشركة السعودية للكهرباء لتوفير الطاقة الكهربائية، أما مشاريع المياه فقد تم تخصيصها وتولى القطاع الخاص تقديم خدمات المياه باستثمارات تصل إلى 1000 مليون ريال بنظام حق الانتفاع BOT، وتعتبر من أكبر المشاريع حق الانتفاع في المملكة في المياه، كما تم تأسيس شركة أساس لتولي مهام تشغيل وصيانة المدن الصناعية الخاصة.