تقريباً 75% من توقيت البث في الشبكات الإعلانية المتلفزة تسدد تكلفته من قبل مائة شركة أمريكية في أمريكا الشمالية. بعض هذه الشركات لديها ميزانية سنوية خاصة تدفع للتلفزة، وبالمساومة يستطيع المنتجون فرض رغباتهم على المعلنين..
فقطاع التلفزة قطاع فعال ومؤثر لخدمة أغراضهم.. مشاهدة التلفاز عملية سلبية يقوم بها المشاهد، وكلما زادت مشاهدة الشخص للتلفاز ازدادت إمكانية (الانزلاق الهجائي) وهي عبارة عن تباطؤ متزايد في الأمواج الدماغية في المنطقة التي يتركز فيها معظم الإدراك قد توصل المشاهد الى حالة من التبلد الذهني.. التلفزة هي عملية تشتمل على زرع الصور والأفكار مباشرة في العقل والدماغ وعمل ما يشبه التنويم المغنطيسي الفعال لجعل المشاهد المتلقي يستسلم للصور غير المنتهية التي يراها على الشاشة أمامه وتخزن في عقله الباطني قبل أن تترجم لاحقاً الى سلوك، ولكن حينها سيكون من السذاجة إظهار أي ردة فعل حركية؛ علي سبيل المثال مشاهدة مقاطع متكررة من انتصارات سابقة للمنتخب الوطني لكرة القدم، أو تكرار مشاهدة فنيات ساحرة لمشاهير كرة القدم العالمية، من شأنها أن تضع المشاهد في حلقة دائرية مغلقة متجاذبة الأطراف بين كبت المشاعر أو إطلاقها بعنف؛ الطاقة المشوهة الناتجة من عملية التجاذب تنطلق لاحقاً لتشكل سلوكاً أشبه بسلوك الشخص المسعور أو المحموم، أو بعبارة أخرى ينتج عند المشاهد شيء من الإفراط في الحماس والنشاط كالذي يحدث عند الأطفال.. الصناعة التلفزيونية بأشكالها المختلفة تتكدس وتكون سحابة ضخمة من المعلومات لتشتت انتباهك فلا تلتفت للتسارع الشديد لزمن وقوع الأحداث الذي لا يمكن أن يحدث في الحياة الطبيعية، أو تلبس عليك حقيقة الزمن فتعيش الحدث الماضي وتتفاعل معه كما لو كان حياً على الهواء؛ بفضل وسائل التقنية، يمكنك عبر الصور التلفزيونية المتحركة من العيش في العالم المتسارع للتلفاز أو استحضار العالم الماضي ليكون بين يديك.. مخاطر الإدمان على مشاهدة التلفاز تتمثل أنه يجعل الحياة الافتراضية بديلاً للواقع..
والخلاصة أن البعض من الناس لديهم حالة من الاختلاط بين الأحداث الحقيقية الواقعية بالأحداث غير الحقيقية الخيالية أو شبه الحقيقية. مثل هذه الأحداث عندما يتم ترتيبها ذهنياً وتصل الى مرحلة الاندماج وإضافة قيم واقعية لتلك الأمور الخيالية يصبح لدى الإنسان مقياس يجعل من الخيال شيئاً واقعياً؛ على سبيل المثال فشل المنتخب الوطني على الساحة الدولية تسبب في تزايد إدمان كثير من الشباب السعودي على مشاهدة برامج الحوارات الرياضية في محاولة منه لمعرفة أسباب الفشل، فأصبح البعض المدمن يعيش في إطار الحقيقة التي يصورها التلفاز، دون إدراك منهم أن التلفزة معمل أرباح للمنتجين ومخدر للآلام التي يسببها الفشل..