كان يتعاهد القرآن الكريم بالقراءة، ويروم المساكين والأرامل والأيتام، كريم اليد مضيافاً لا تزال سيرته العطرة تعانق سماء المجد، كان الكرم يملأ جنبات منزله، كريم اليد سخياً متواضعاً يحرص على لَمِّ شمل قرابته ويحرص على زملائه وأصدقائه ومعارفه، ينظم اجتماعاتهم لا يتخلف عن دعوة أو مناسبة، يسعي لإنهاء المشكلات فيما كان يرفع إليه من خصومات في التقاضي أمامه وينهي مشكلات معارفه وأصدقائه ما استطاع إليه سبيلاً، كان قلبه معلقاً بالمساجد حساً ومعنى.
...إنه القاضي الجليل محمد بن سليمان بن محمد آل سليمان قاضي التميز والذي توفي -رحمه الله- في عام 1432هـ. هذا الرجل لابد من ذكر محاسنه وإسهاماته، فقد قام بإنشاء عدد من المساجد على حسابه الخاص في محافظه الحريق وغيرها في خارج المملكة، وله أسهامات لا يمكن أن تنحصر في أعمال البر والإحسان، فقد كان رحمه الله يكرم المساكين والأرامل والأيتام من دون من أو ذكر لما يفعله.
قال الشاعر:
من يفعل الخير لا يعدم جوازيه
لا يذهب العرف بين الله والناس
كما كان يقوم بصيام شهر رمضان المبارك في أغلب الأعوام بمكة المكرمة ويتابع أداء العمرة، مع الأصحاب وقل أن يترك صحبة مع رجال خالطهم أو عاشرهم أو زاملهم أو سافر معهم وكان يحفظ الود لهم ولأصحابهم ولذويهم ويجب النزهة ألبرية والبساتين والقرى والمدن عاشقاً للزراعة وشم نسيمها فهو من بيت علم وفقه، منهم زيد بن محمد بن زيد آل سليمان الشيخ السلفي المنهج مذهب أهل السنة والجماعة والشيخ عبدالله آل سليمان ومؤسس الكتاب بمحافظة الحريق الشيخ محمد بن سعد المشهور بساطي الذي كان يؤدي خطبة الجمعة بالمسجد الجامع الكبير.كان رحمه الله رجلاً مضيافاً، وكم من كرامة وضيافة منه فقد تكرر أن استضفته برفقة كل من الشيخ مجمد بن راشد القعود والشيخ علي بن علي بن العنزان والشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن إبراهيم العبدالسلام والشيخ الدكتور عبدالله بن محمد القيويزاني والشيخ عبدالرحمن بن عبدالله المحيميد وشهيل بن إبراهيم القعود وراشد بن سعد بن عبدالرحمن القعود وغيرهم في كل من محافظة الحريق والدمام والرياض ومكة المكرمة -رحم الله الأموات منهم ومتع الأحياء منهم بالصحة والطاعة. وأما عن حياته الدراسية وأعماله الرسمية فقد أجري معه مقابلة بمجلة العدل العدد الثاني عشر لعام 1422هـ من شهر شوال فقال رحمه الله (ولدت عام 1346هـ ونشأت بين والدي نشأة صالحة والحمد لله وفي عام 1355هـ التحقت بمدرسة العم الشيخ محمد بن سعد آل سليمان -رحمه الله- فأخذت مبادئ القراءة حتى وصلت إلى سورة المزمل، ثم سافرت مع خالي الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل سليمان -رحمه الله- إلى الإمارات حيث لإن خالي قد استقر في إمارة الشارقة، ثم بعد ذلك بفترة وجيزة أكملت حفظ القرآن الكريم على يد الشيخ عبدالله بن مفيريج البريمي -رحمه الله- ثم قرأت على الخال الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز آل سليمان -رحمه الله- الأصول الثلاثة وآداب المشي إلى الصلاة للإمام المجدد الشيخ محمد بن عبدالوهاب والأربعين النووية للحافظ محيي الدين النووي وتعلمت الخط والحساب، ثم بعد ذلك غدت مع خالي -رحمه الله- إلى أهلي في الحريق فجلست مع والدي -رحمه الله- في دكانه أتعلم البيع والشراء، وبعد ثلاث سنوات تقريباً أصبت بمرض الرمد وكان عمري آنذاك ثلاثة عشر عاماً، وفي عام 1362هـ رجعت إلى مدرسة عمي الشيخ محمد بن سعد آال سليمان لمراجعة حفظ القرآن الكريم فحفظته وجودته كاملاً -ولله الحمد- وقراته على الشيخ عبدالعيز الباهلي قاضي الحريق آنذاك. وتأثرت كثراً بالمشايخ والعلماء ومنهم على سبيل المثال سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- كان حريصاً على العلم رحيماً بطلابه، سماحة الشيخ عبدالعزيز بن باز -رحمه الله- لقد كان أنموذجاً للعالم العامل الرباني، الشيخ عبدالرزاق عفيفي -رحمه الله. وقال: شاركت في جمعية تحفيظ القرآن الكريم في المنطقة الشرقية عضواً فيها، ثم بعد ابتعاث الشيخ عبدالكريم الشيحة إلى الخليج توليت رئاستها وقمت بمتابعتها وكان آنذاك عدد الطلاب 140 طالباً ثم تطورت -ولله الحمد- إلى أن أصبح أكثر من 30000 طالب وطالبة، ولله الحمد والمنة. وقد اشترك معي في الجمعية بعض الإخوة الأفاضل منهم محمد بن سليمان الشيحة والشيخ عبدالرحمن بن مجمد السلولي وخالد بن حمد أبو بشيت وعفت عباس والدكتور علي الكريديس ومشبب القحطاني وعلي إبراهيم المجدوعي والشيخ عبدالرحمن العبيد وسيف إبراهيم السيف وصالح التويجري وناصر المسيند وعبدالله الدبيخي وعبدالعزيز البعادي ود. محمد التركي رئيس جمعية القلب وأستاذ في جامعة الملك فيصل في كلية الطب وصالح الدوسري وإبراهيم الحصين ومحمد العصفور ود. رياض المهيدب وعبدالله الزامل وغيرهم.
وقال عبر اللقاء: كان لدي دروس في وادي الدواسر، وبعد أن انتقلت إلى المنطقة الشرقية أصبح لدي دروس في التوحيد والفقه والفرائض والسيرة في منزلي يقرأ على بعض الطلبة وما زلنا نواصل البحث والمدارسة. وقال رحمه الله إنه سافر إلى الرياض لطلب العلم والتقى بشيخه العلامة مفتي الديار السعودية سابقاً سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- فقرأ عليه كتاب التوحيد وعمدة الأحكام وزاد المستنقع والعقيدة الواسطية وبعضاً من بلوغ المرام في بيته وفي دروس الفجر في المسجد، وأثناء ذلك التقى بالشيخ عبداللطيف بن إبراهيم آل الشيخ -رحمه الله- وقرأ عليه الأصول الثلاثة والرحبية في الفرائض والأجرومية بعد صلاة المغرب من كل يوم وقرأ على الشيخ إبراهيم بن سليمان -رحمه الله- الرحبية وبعض المتون على الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ الأصول الثلاثة وقرأ على الشيخ عبدالعزيز الرشيد الرحبية في المسجد الحرام وغيرهم من العلماء. وقال رحمه الله: في عام 1376هـ انتقلت إلى الخرج (الدلم) والتقيت بشيخي الراحل الإمام العلامة سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن باز -رحمه الله- فقرأت عليه كتاب التوحيد وزاد المستنقع وعمدة الأحكام والرحيبة والأجرومية، وفي عام 1369هـ انتقلت إلى الطائف للالتحاق بدار التوحيد ولم يتيسر لي دخولها وبعد مدة رجعت إلى الرياض وبعد أن فتح المعهد العلمي التحقت به عام 1371هـ وواصلت الدراسة في المعهد إلى أن تخرجت منه وبعدها التحقت بكلية الشريعة بالرياض إلى أن تخرجت منها عام 1379هـ, وقال رحمه الله: على القاضي مسئولية كبيرة أجرها عظيم فعليه الجد والاجتهاد والحرص على إصلاح النية وإخلاصها لله عز وجل، وليعلم بأن هذا العمل سبقنا إليه المصطفى عليه الصلاة والسلام وأصحابه الكرام، فعلى القاضي أن يتحري الصواب وأن يبذل جهده في معرفة ذلك ولا يستنكف قبول الحق ممن قاله أو ذكره، فإذا حكم الحاكم وأصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر واحد، كما جاء في الحديث ويجب أن يتحلي القاضي بأمور منها الإخلاص لله عز وجل. العمل بما يعلم والدعوة إليه الحلم والأناة والصبر والسماحة وسعة الصدر وحسن الخلق عموماً البحث والتحري والجد والاجتهاد والمشورة فيما أشكل عليه ومعالجة ما يستجد من قضايا ونوازل حادثة إن تعالج بالبحث والتنقيب والجد في حلها والاستشارة لأهل العلم والفضل والأخذ بأقوالهم الجادة المتجردة عن الأهواء المنبعثة من علم ثاقب وفر صائب ويسترسل في حديثه -رحمه الله- للمجلة عن حل المشكلات الزوجية محددها في أمور منها معرفة أصول المشكلات والبحث عن أسبابها ومنشئها، سد عقوق فتح أبواب المشكلات وإغلاقها بالحلم والأناة وذكر محاسن الزوج لزوجته والعكس وقمع مداخل الشيطان. سيرة عالم جليل -رحمه الله- أردت أن أسترجعها عبر صفحات الجزيرة لأنه يستحق من يدون عنه، وقد تأخرت في الكتابة عنه بعد وفاته نظراً لظروفي الصحية ولزومي السرير في مستشفى الملك خالد الجامعي -والحمد لله- خلال تلك الفترة فتوفي -رحمه الله- ولم يرزق منه بنسل بعد ست زيجات وله أخ وأختان كان يبادر باقتناء كل ما هو جديد وجميل من الملبس والمركب والمسكن، وديعاً محبوباً من الكافة، كان رجلاً كريماً، وكان يتعاهد القرآن الكريم بالقراءة والحفظ والتسميع. فلا يزال وهو على مرضه غير منفك عن ذكر الله وعن أداء الصلاة مع الجماعة ما استطاع ذلك, لا حول ولا قوة إلا بالله وأن لكل شيء نهاية قال تعالى {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} (30) سورة الزمر). وحقاً أن الموت واعظ ونذير وأن الأعمار محدودة والآجال مكتوبة، كما قال الشاعر:
لكل شيء إذا ما تم نقصان
فلا يغر بطيب العيش إنسان
وقد حزنت عليه محافظة الحريق لرحيله والمنطقة الشرقية وجماعة تحفيظ القرآن الكريم بالمنطقة الشرقية، فرحمه الله ورحم والدينا وجميع المسلمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.