يهرع زوار بريطانيا - على اختلاف مقاصد زيارتهم - إلى الاستمتاع بمشهد تغيير الحرس الملكي بقصر بكنجهام، والاستماع للمجادلات في هايد بارك، وزيارة متحف مدام توسيت.. إلخ، بحثاً عن جديد لم يألفوه في بلادهم واستكشافاً لمواقع التميّز لتلك البلاد.
هذه المواقع السياحية متشابهة في بلدان العالم، فتغيير الحرس الجمهوري في أثينا أكثر متعة من نظيره في قصر بكنجهام، والمتحف بقصر إمبراطور النمسا بفينا أكثر فائدة، ومسرح الشارع في البلاد العربية أكثر جذباً، على الرغم من ذلك فإن الملايين تقصد لندن في سياحتها، فماذا يميز لندن عن بقية مدن العالم؟
إن ما يميز بريطانيا - في رأيي- عن باقي دول العالم هو حركة السير والمرور التي أصبحت ظاهرة سياحية أبقت عليها بريطانيا ولم تتبع (سلوك القطيع العالمي).
في زيارتك للندن تقف متأملاً في ذلك التفرّد - مهما تعدَّدت زياراتك لها- ثم تبدأ في تنظيم «ساعتك البيولوجية» وتنشيط حاسة الانتباه في داخلك لتتواءم مع نمط مغاير لما اعتدت عليه. وهي وقفة ممتعة مع النفس تعيد فيها ضبط عقارب ساعات دواخلك يندر أن نمارسها في زخم حياتنا اليومية في مقر إقامتنا الدائم.
بالمثل، فإن قصور السعودية، وديوانياتها الثقافية، ومتاحفها و... إلخ، مواقع سياحية تشبه مثيلاتها في بلاد الله.
ولكن ما يميز المملكة من دون سائر دول العالم أجمع هو غياب بنات حواء الجالسات خلف مقود السيارات.
ولعمري، وليس ذلك بالنكتة، تلك ميزة وثروة سياحية يتمناها كل من اكتوى بنقيضها..
ستتقاطر الوفود لمشاهدتها.. وستلوذ إليها الملايين منتجعاً وفترة نقاهة يوم تضيق صدورهم بصحبتهن وأرادوا تجديد الأشواق لهن.
فهل نسلك «سلوك القطيع العالمي»؟ أم نبقي تلك الثروة علامة تميز؟
إن اتباع سلوك القطيع قد يقود إلى الهاوية.
والمتابع لتلك القنوات الفضائية المتبرعة والمتبنية البت في قضايا الشعوب يجدها تعد جيش إنقاذ لينتشل المرأة من وضع متوهم عن قصد مبيّت - جيش إنقاذ مثل تلك التي تقتل الملايين لتنقذ عشرات من المنتفعين.
علينا أن نعي التالي: «ليس كل من يخرجك من المستنقع (إن جاز التعبير ولا يجوز في هذا الموضع) يريد إنقاذك».
تنازل المرأة أو استفتاؤها سيحسم المسألة.