الجزيرة - تقرير وتصوير - عبد الله الفهيد:
طالب سكان في العاصمة الجهات المختصة بالعمل على إيجاد حلول مرورية لمشكلة الازدحام التي تتفاقم في الرياض حاليًا، خاصة في ظلِّ تنفيذ مشروعات عملاقة، وتزايد أعداد السكان التي يُتوقَّع أن تبلغ 8.5 مليون نسمة مطلع 1450هـ.
في هذا الإطار، أوضح مختص في الهندسة المدنية أن مناطق المملكة تعيش طفرة اقتصاديَّة كبيرة لازمها نمو هائل في اتساعها جغرافيًّا وخصوصًا المدن الكبرى، ومنها العاصمة الرياض، ولعل الملاحظ هو ما نجم من كثافة في الحركة المرورية ونشوء الازدحامات التي أصبحت تمثِّل قلقًا للكثير، والحلول يتمثَّل في مشروع النقل العام، إضافة إلى تحويل معظم الطرق لدينا إلى حرة الحركة، وهذا يعني إنشاء المزيد من الجسور والإنفاق وهذه تتطلب جهودًا مادية وفنيَّة وبشرية ووقتًا.
«الجزيرة» استطلعت رأي مختصين في الهندسة المرورية حيال ما تعيشه العاصمة الرياض من ازدحام مروري والحاجة الماسَّة والمتسارعة لإيجاد حلول للتقاطعات التي تشهد ازدحامًا ومنها إنشاء الجسور الحديدية المؤقتة، حيث قال: الجسور الحديدية تمتاز بأن تصنيعها خارج الموقع، وفقط يتم تجهيز القواعد بالموقع، كذلك يتم إنشاؤها في المناطق المزدحمة ولا تتسبب في إغلاق الموقع بالكامل، كما يمكن إنشاؤها في أوقات الإجازات فهي لا تتطلب وقتًا طويلاً.
وأشار المهندس حمد الشمري إلى أن من مميزات الجسور الحديدية المؤقتة نظافة الموقع (Dirty work)، حيث يتم حفر وصب القواعد التي يتم تجهيزها في الموقع فقط ليتم بعدها تركيب الحديد، ثمَّ البلاطات وتربيط المسامير والدهانات وكل ذلك يتم ضمن مساحة الجسر وكل ذلك من مميزات الجسور الحديدية المؤقتة حيث يتم إنجاز العمل فيها بأسرع وقت وأقل مساحة.
وبالرغم من تلك المميزات إلا أن وجهة نظر المهندس المختص لها تختلف بقوله: «إنه لا يَرَى الحاجة لتلك الجسور الحديدية، حيث إنه تَمَّ إنشاؤها خلال أيام الطفرة (التسعينات الهجرية) التي عاشتها جميع مدن المملكة ولله الحمد وتسارع وكثافة الحركة المرورية وبالتالي كان الحاجة لتركيبها في تقاطعات تتطلب جسور لفك الازدحام، كما أن منظرها العام قد يكون غير مناسب، إلا أن من الميزات الأخرى لتلك الجسور هو أنها أقل تكلفة مادية إمكانية وسرعة تفكيكها ونقلها ووضعها في مكان آخر، وحاليًّا نحن نعيش طفرة مشابهة وربما أكبر، وعليه فإنَّ الحاجة لها في الوقت الحاضر في ظلِّ النمو السريع لمدينة بحجم الرياض قد تكون ضرورية، حيث إنه كُلَّما كبرت المدينة وازدادت الزحمة تتطلب الحاجة لها، وبالرغم من الصعوبات التي تتطلبها تلك الجسور مثل الصيانة في ظلِّ أن طبيعة الحديد هو التمدد في الأجواء الحارة وكذلك كثافة الحركة المرورية عليها ووجوب استخدام دهانات عازلة للصدأ والتأكل، إضافة إلى أن طبقة الأسفلت على الحديد تختلف عن وضعها على أرضيَّة خرسانية، خاصة في ظلِّ أن العمر الافتراضي للحديد أقل من الخرسانة، إلا أن العودة لإنشاء الجسور الحديدية ربَّما حل مناسب ولكن مع وجوب أن نعني بكلمة «مؤقتة» أيّ لمدة 5 و10 أعوام وفي ظلِّ عدم وجود بدائل أخرى وجذرية فهنا تبقى الحاجة للجسور الحديدية إلى حين الحلول الجذرية عبر الجسور الخرسانية الدائمة.
من جانبه، أشار المهندس فهد البيشي المتخصص في الهندسة المرورية إلى محاور رئيسة تشهد شللاً تامًا في حركة المرور، طوابير من المركبات تصطف في تقاطعات مهمة في مدينة الرياض، طرقًا دائرية أصبحت غير قادرة على استيعاب النمو المستمر في أعداد المركبات، هذا هو المنظر الذي اعتاده قائد المركبة على طرق عاصمة السعوديَّة، وهذا المنظر في تنامي سريع، بينما هناك مشروعات تنفذ في نقاط مُعيَّنة من المدينة، ولكنها تبقى عاجزة عن فك الاختناقات المرورية المملة، محاور رئيسة ظلَّت لسنوات لم يُشرع في تحويلها إلى طرق حرة الحركة، ومحاور جديدة لم تسارع الجهات المسئولة في تحويل تقاطعاتها إلى تقاطعات مفصولة لكي يكون لها السبق قبل وجود خدمات البنية التحتية التي تعتبر من أهم تأخر مشروعات الطرق لتعارضها معها.
وقال المهندس البيشي: إنني أدرك أن مشروع النقل العام في العاصمة الرياض سيغير وجه المدينة، ولكنّ هناك حلولاً موازية لهذا المشروع من المهم البدء فيها ولعل أهمها الجسور المؤقتة، وعندما أقول الجسور المؤقتة فهي جسور حديدية ذات منظور معماري يُضفي جمالاً على طرق الرياض التي شهدت ولازالت تشهد غياب المنظور البصري إلا في عدد «محدود» من مشروعات الطرق، لأنّه ليس من فنون بناء المدن الحضرية إغفال الجانب البصري للإنفاق أو الجسور، مهما كان الثمن، بل الواجب تزيين دعائمها وحوائطها المسلحة، واختيار أماكن الإضاءة الليلية ونوعيتها.
ولفت المتخصص في الهندسة المرورية إلى أن الجسور الحديدية التي تمتاز بسرعة التنفيذ وبالتالي الاستفادة العاجلة من المشروع ستخفف وبشكل كبير من حدة الاختناق المروري عند تقاطعات عدَّة في الرياض، متى ما روعي فيها أمران أولهما «اختيار الموقع الصحيح»، والثاني «الخروج من دائرة تصميم الجسور الحديدية «التقليدية» التي نفذت في أواخر السبعينيات الميلادية في مدينة الرياض».
وأردف المهندس البيشي في حديثه إلى ذلك فإنَّ الجسور الحديدية المؤقتة سوف تساعد في حل نقاط الاختناق المروري التي قد تنشأ نتيجة تطوير جزء من المحاور، مما ينتج عنه نقل المشكلة المرورية من مكان إلى مكان آخر أو إلى طريق آخر، فعند تنفيذ الجسور الحديدية يستقيم الحل المروري على كامل المحور، وهذا يحقِّق الهدف من تطويره وينعكس إيجابًا على مستخدم الطريق.