أصبحت البطالة اليوم من المشكلات المزمنة ولا تكاد تخلو دولة من هذه المشكلة حتى أغنى وأرقى دول العالم، فهي إذن مشكلة عامة تعاني منها كافة مجتمعات الكرة الأرضية والحديث عنها لا تحده حدود جغرافية.
وعند تسليط الضوء على الوضع العربي بشكل عام -والحالة السعودية جزء منه- تبرز تساؤلات مهمة تفرض نفسها على الموضوع، ومنها هل نظم التعليم من عوامل بروز هذه الظاهرة وتفاقمها؟ وعند التمعن في الإجابة على هذا التساؤل، يدرك المرء أن التعليم أسهم في تغيير هيكلة سوق العمل لكنه اهتم بالكم أكثر من الكيف وذلك دون النظر إلى نوعية المتعلمين ومستوى إمكاناتهم الإنتاجية وحصر الأهداف في نيل الشهادات بالإضافة إلى أن الجيل الحالي استمرأ سهولة أوضاع الحياة ورفاهيتها وهذا أدى إلى وجود زهد -إن لم نقل تعالي- عن الأعمال اليدوية والمهنية رغم أنها أعمال موروثة وتدر أموالاً أكثر من الوظائف المكتبية لكن البعض ظل يركز على الأعمال الحكومية لسهولتها وسرعة عائدها عليه تفاديا للنظرات الاجتماعية السالبة. وربما يكون السبب في ذلك تخطيط وتنفيذ السياسات الاقتصادية لدى كثير من الدول العربية فبالرغم من تدفق رؤوس الأموال والاستثمارات الوطنية والأجنبية في الفترة الأخيرة إلا أن ذلك لم يكن له يد في حل مشكلة البطالة أو تطوير وتدريب الأيدي العاملة أو ربما لا تنفق مؤهلات طالبي العمل مع متطلبات أسواق العمل وقد يكون عدم التوافق مبنيا على الشروط المعروضة في الوظائف مع ما يرضي حاجة الفرد.
وعموماً فقد وصل مقدار العمالة الوافدة إلى المملكة حدا يفوق قوى العمل السعودية، وهذا يلفت الانتباه إلى حجم البطالة في المملكة وحصر الوظائف الشاغرة بدقة في ميادين العمل الحكومي والخاص. وذلك لأن أي مشروع يحتاج إلى إحصائيات دقيقة ومعلومات كافية لنجاحه، وقد يتطلب ذلك إعادة النظر في النسبة السنوية من حيث توطين العمالة والاهتمام بتطبيق العمل الجزئي أو ما يسمى بـ(نصف الدوام) في القطاعات الحكومية وهذا ربما يقلل من المشكلة.
أما بالنسبة لسوق العمل فلابد من تصنيف الوظائف القائمة حالياً والمترقبة بكافة منشآت في القطاع الخاص لتساعد على تنمية روح المبادرة والدافع على دخول الشباب في ميادين الأعمال الحرة والتشجيع على المشروعات المبتدئة في إطار مناخ داعم قادر على تنمية القدرات لدى الأفراد بداية من المؤسسات التدريبية والدورات المهنية، فضلاً عن إيجاد مسار دراسي مبتكر في القطاع الخاص يلائم الاحتياجات الفعلية لأسواق العمل ويزيد من التوجه إليه، مع التركيز على التدريب والتأهيل والتوظيف وفق القدرات والميول والتخصص.