محافظة الوجه، أو كما يحلو لمحبيها تسميتها «وجه الحجاز»، تقع على بُعد 325 كيلومتراً جنوب مدينة تبوك, وتمتاز بطابعها التاريخي العميق الممتد على ساحل البحر الأحمر، وعدت أرضًا لحضارات بقيت آثارها بارزة على جبالها منذ آلاف السنين حتى وقتنا الحالي؛ لتشهد على عراقة هذه الحضارات وقيمتها التاريخية والاقتصادية والثقافية.
سميت بـ«الوجه» لوقوعها على هضبة مرتفعة على البحر الأحمر في الشمال الغربي من شبه الجزيرة العربية, فكانت كالوجه للقادمين برًا وبحرًا من إفريقيا والمغرب إلى منطقة الحجاز.وتقول الباحثة في الموروث الشعبي المهتمة بالتراث العمراني في منطقة تبوك فاطمة البلوي إن لموقع محافظة «الوجه» على ساحل البحر الأحمر أهمية تاريخية؛ إذ كانت ممراً مهمًا لطريق «الحرير» الذي كان يسير عبر موانئ البحر الأحمر, وانفردت الوجه حينها بطابع اقتصادي متنوع، شمل إنتاج نوع من السمن، يُستخرج من حبيبات شجر «اليُسْر» الذي لا ينبت إلا في الجبال. وأشارت إلى أن سكان الوجه حاضرة وبادية اشتهروا بالتجارة والتصنيع منذ الحقب البعيدة، وخصوصاً صناعة السفن والفحم, وانتعش اقتصاد الوجه بازدهار صناعة التفحيم وتصديره بعد افتتاح سكة حديد السويس سنة 1266هـ، التي كانت سبباً رئيسًا في تجارة الفحم وتصديره إلى خارج الجزيرة العربية.
وأفادت بأن محافظة «الوجه» تحوي إرثًا تاريخيًا عريقًا، أكسبها قيمة تراثية عريقة؛ إذ كانت من الممرات الرئيسة القديمة للحجاج القادمين للجزيرة العربية برًّا وبحرًا, ومرت بها أعظم الحضارات البشرية مخلفة النقوش والرسوم الأثرية؛ لتحكي قصص أرض مدين التي كانت لها كحضارة «الأنباط» بالعلا.