«عز الدين نجيب» فنان مصري يمارس العمل العام، وقد اعتقل لفترة من عمره، نظرا لانخراطه في النشاط السياسي، ورغم أنه مبدع نشر ما يقرب من خمس مجموعات قصصية، إلا أنه عرف على نطاق واسع كفنان تشكيلي وناقد فني، وهنا حوار مع الفنان «عز الدين نجيب».
* كفنان تشكيلي كيف تري واقع النقد الفني الآن ودور النشر فيه؟
- لا توجد حركة متكاملة للنقد التشكيلي في مصر، يوجد نقاد لديهم مساهمات متناثرة، والسبب في ذلك عدم اهتمام الإعلام بالنقد الفني وتجاهل دور النشر؛ سواء الخاصة أو الحكومية لهذا النوع من الكتب، فالسلسلة الوحيدة التي كانت معنية بهذا الأمر وهي آفاق الفن التشكيلي التي كانت تصدر عن هيئة قصور الثقافة توقفت، وكنت قد نشرت فيها عدة كتب مثل «فنانون وشهداء» و»أنشودة الحجر» و»الإبداع والثورة» وللأسف، فإن هذه النافذة الوحيدة لنشر النقد وتاريخ الفن التشكيلي توقفت، ما يعني أن الدولة تتعامل مع هذا المجال باعتباره غير مهم فهو غير موجود في حساباتها.
* أنت معروف كفنان تشكيلي، رغم إصدارك العديد من الأعمال الأدبية: ما أسباب ذلك في رأيك؟
- أحب الكتابة ولا ينازعها لدي سوي حب الفن، وقد أصدرت العديد من المجموعات القصصية هي «عيش وملح وأيام العز والمثلث الفيروزي وأغنية الدمية ومشهد من وراء السور»، إلا أن أحدا لم ينتبه إليها، فرغم أنني أحد أبناء جيل الستينيات الأدبي إلا أن أعمالي لم يتم تناولها ضمن تجربة هذا الجيل، فهناك نوع من التنكر والتجاهل لهذه الأعمال لا أعرف سببه، وكأن النقاد أو المعنيين بالأدب يسقطون تجربتي الأدبية من حساباتهم، وأنا كإنسان يتفاعل داخلي الأدب والسياسة والفن التشكيلي، وإذا كان لدي معرض فأنا أتوقف عن الكتابة، وفي حالات العمل السياسي لا أستطيع الرسم، ومن ثم، فإن حالة الإبداع تمتزج مع بعضها دون تأثر.
* هل يمكن توثيق الثورة المصرية بالرسم أم أن الفنان يحتاج إلي فترة زمنية كافية؟
- لا يجوز أن تقع الأعمال الفنية في فخ المباشرة وإلا تحولت إلي عمل توثيقي، المفروض أن تكون هناك مسافة زمنية ووجدانية بين الفنان والحدث، فالأعمال الفنية الخالدة لابد أن تعيش في كل الأوقات والمناسبات.
* وما أسباب تراجع دور المثقف في المجتمع؟
- لأن الجماهير عاشت طوال 40 عاما مضت، تشمل فترتي حكم الرئيس الأسبق أنور السادات وخلفه مبارك، في ظل تجريف النظام القيمي للمجتمع المصري وتشويه وعيه السياسي والثقافي والجمالي، ولم تتمكن النخبة المثقفة من التفاعل مع الجماهير إلا في حدود ضيقة بحكم غضب السلطة علي كثير من المثقفين أو بشراء صمت بعضهم واحتوائهم مقابل مكاسب ومزايا، وهكذا عاشت الجماهير الساحقة خلال الأربعين عاما السابقة بغير ثقافة، إلا الثقافة التحتية المحملة بكثير من القيم السلبية، وثقافة السلطة الموجهة لتخدير الجماهير وإلهائها عن مطالبها الجوهرية، إلا أن جهود المثقفين الذين استعصوا علي الاحتواء لم تذهب هباء وحفرت مجرى في الوعي العام انتهي إلي هدير الجموع بميدان التحرير مع اندلاع الاحتجاجات في 25 يناير 2011.
* وماذا عن دور المثقف في الفترة المقبلة؟
- منذ أربعين عاماً والمثقف مهمش، ولم يكن له دور في صنع المجتمع والتنمية على عكس الستينيات، وهذا جعل المثقف معنيا أكثر بالتجريب الفني، ولكن آن الأوان لمشاركة المثقفين في إعادة هيكلة وزارة الثقافة ووضع خريطة للعمل الثقافي تتناسب مع الثورة، وبناء جسور بين المثقفين والجماهير العريضة، ولابد من المشاركة في إعادة المسرح لحياة الناس، وقد تحول مسرح الشارع إلي ظاهرة شعبية، ولابد من المطالبة باستصدار القوانين التي تكفل دور الثقافة كبناء تنموي.