سعت المملكة العربية السعودية، منذ وقت مبكر، وحتى قبل أن يصبح لمكافحة الفساد اتفاقية دولية إلى مكافحته، من خلال مبادئ الدين الإسلامي، الذي يعد الفساد جريمة بشعة تعاقب عليها الشريعة الإسلامية قبل أن يعاقب عليها القانون، فالمملكة تستمد منهجها في مكافحة الفساد من مصدرين هما الشريعة الإسلامية ثم القوانين، فيما لم يرد له حكم في الشريعة.
ولفت الانتباه، إلى أن القضاء في المملكة العربية السعودية، يتمتع باستقلال تام، وقد نص النظام الأساسي للحكم، وهو بمثابة دستور المملكة، أنه سلطة مستقلة ولا سلطان على القضاة في قضائهم لغير أحكام الشريعة الإسلامية والأنظمة المرعية، وليس لأحد التدخل في القضاء».
وأكد على حرص المملكة العربية السعودية على تضافر الجهود, والتعاون الدولي في مجال مكافحة الفساد واستمرارها في ذلك، وحرصها على الوفاء بجميع الالتزامات الواردة في اتفاقية الأمم المتحدة.
جاء ذلك في كلمة المملكة التي ألقاها، الأستاذ/ محمد بن عبدالله الشريف، رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة»، رئيس وفد المملكة المشارك في أعمال اجتماع الرابطة الدولية لهيئات مكافحة الفساد خلال الفترة 19-21محرم 1435هـ الموافق 22-24 نوفمبر 2013م، واجتماع الدورة الخامسة لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، خلال الفترة 22-26 محرم 1435هـ الموافق 25-29 نوفمبر 2013م، الذي يقام في جمهورية بنما، فيما يلي نصها:
فخامة رئيس جمهورية بنما السيد ريكاردو مارتينيلي
أصحاب المعالي والسعادة، السادة الحضور الكرام.
احييكم بتحية المحبة والسلام: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يشرفني في مستهل كلمتي هذه أن أنقل إليكم تحيات خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود -حفظه الله-، وتمنياته لمؤتمركم بالتوفيق والنجاح.
كما يسرني أن أتقدم لجمهورية بنما، والقائمين على هذا المحفل المهم، بالشكر الجزيل لاستضافته، وتوفير أسباب النجاح له، وعلى حسن الترحيب والاستقبال.
والشكر موصول لمكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة على الجهود المميّزة التي يقوم بها، في سبيل تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
إنه لمن دواعي السرور تواجدنا معكم، ممثّلين عن المملكة العربية السعودية في حضور أعمال هذا المؤتمر الهام، الذي يهدف إلى تحسين قدرة الدول الأطراف في الاتفاقية على تنفيذ الالتزامات الواردة فيها، والتأكد من سعيها لذلك، والاستفادة من تجربة الدول التي سبقتها في ذلك.
السيدات والسادة الحضور الكرام:
رغم الجهود الكبيرة المشهودة التي تبذل عالمياً في مجال مكافحة الفساد من قبل المنظمات الدولية، والمخلصين في بلدانهم من القطاعات الحكومية والأهلية، ما زال شبح الفساد يخيم على قطاعات مهمة من قطاعات التنمية في كثير من دول العالم، ويحول دون وصول دماء الاقتصاد إلى شرايين الحياة فيها، وما زال هناك بشر يستأثرون بحقوق غيرهم، ويستحلونها لأنفسهم في غياب من ضمائرهم، وتغييب لسلطة القوانين، متناسين أنه سوف يأتي يوم تضرب فيه سيوف الحق والعدل هامات الظلم والفساد.
لقد سعت المملكة العربية السعودية، منذ وقت مبكر، وحتى قبل أن يصبح لمكافحة الفساد اتفاقية دولية، إلى مكافحته من خلال مبادئ الدين الإسلامي الذي يعد الفساد جريمة بشعة تعاقب عليها الشريعة الإسلامية قبل أن يعاقب عليها القانون، فالمملكة تستمد منهجها في مكافحة الفساد من مصدرين هما الشريعة الإسلامية ثم القوانين فيما لم يرد له حكم في الشريعة، وقد أخذت منهجية المملكة أساليب متعددة كان أهمها ما يأتي:
1- إصدار الأنظمة التي تحكم حياة الإنسان وتحفظ كرامته، وتنهاه عن أي فعل حرمته الشريعة والقوانين، وترده إلى الحق إذا خالف ذلك، وخرج في تصرفاته عما رسمته الشريعة والقوانين، وقد تنوعت القوانين التي أصدرتها المملكة بين نظام لمكافحة الرشوة، ونظام لمكافحة التزوير، ونظام لمكافحة الإثراء غير المشروع، ونظام لتأديب الموظفين، ونظام لمحاكمة الوزراء وكبار المسؤولين، ونظام للرقابة المالية، ونظام لمكافحة غسل الأموال.
2-أنشأت المملكة عدداً من أجهزة الرقابة والمتابعة في وقت مبكر تقوم بالرقابة على تصرفات الموظفين، والمحافظة على الأموال العامة المنقولة والثابتة من تلك الأجهزة ديوان المراقبة العامة، وهيئة الرقابة والتحقيق، وهيئة التحقيق والادعاء العام.
3-بادرت المملكة إلى فتح حساب بنكي في العام (2006) أسمته حساب إبراء الذمة يهدف إلى إتاحة الفرصة لمن يشعر أنه أخذ من المال العام شيئاً لا يستحقه لرد ما أخذه دون أي تبعات، وكان هدفها من ذلك التعرف على أي مؤشرات لوجود الفساد، من خلال المبادرات التي تتم ومن خلال حجم المبالغ التي تودع في ذلك الحساب، لكي تستعين بذلك في سن القوانين اللازمة لمكافحته فيما بعد، وعندما تبين لها ذلك بادرت إلى سن القوانين وإحداث الأجهزة اللازمة لمكافحة الفساد، ومن الجدير بالذكر أن ما أودع في ذلك الحساب قد بلغ قرابة سبعين مليون دولار حتى الآن.