يبدو والعلم عند الله، أننا (كمواطنين) نعاني من فرط رؤية الأشياء بعقولنا - لا بعيوننا- فقط، بعكس المسئولين الكرام - الله يحفظهم لنا ويعلي مراتبهم أكثر وأكثر-، والذين ما زالوا صامدين يرون الأشياء (بعيونهم) بشكل طبيعي ! وهذا يفسّر الصورة (غير المنضبطة) والزوايا الضيّقة، التي يرى بها المواطن بعض المشاريع، أو يقرأ بها الأمور، ويفسر بها التطورات، لأن ذلك نتاج طبيعي (للخلل) المنحدر من (المخيخ)، والمتجذّر في باطن العقل الأيمن، فبكل تأكيد هناك فرق بين رؤيتك (كمواطن بسيط) لا يريد من حطام هذه الدنيا سوى حياة كريمة، ولقمة عيش هنيئة، وراتب يسد جوع أطفالك آخر الشهر، وبين الرؤية الثاقبة لمعالي الوزير، أو سعاد المدير العام، أو صاحب الصلاحية الذي يرى بعينه ما لا ترى، ويدرك مالا تدرك؟!
هناك دراسة أمريكية حديثة ثبتت في جامعة (أريزونا)، تقول إن عقولنا ترى أشياء وتفاصيل لا نراها بأعيننا المجردة، وأنها تفسّر وتربط بين الخيالات وأشياء لا نبصرها أو نشعر بها، ولعل هذا يفسر (شك وريبة) البعض من إنجاز المشاريع المتعثّرة حتى قبل أن تبدأ، وبمجرد رؤية شكل المقاول الذي رست عليه المناقصة؟! ومن خلال نوعية المعدات التي جهزها، أو اللوحة الملونة التي (وضعها) عن مدة ونهاية المشروع!
لن أقول إن النظر (بالعقل) أكثر دقة، ويفسّر الكثير من الأمور ويربطها ببعض، حتى لو كانت طلاسم سوداء وخيالات تمر على هذه المشاريع وتزوّرها، حتى لا أفضح الحاسة السادسة لدى بعض المواطنين من (كبار السن) خصوصاً عندما يعلّق أحدهم بواقع (الخبرة) ويقول: إن هذا الطريق أو هذا المشروع لن يتم إنجازه كما تعلن لوحة المقاول؟!
ولكن في نهاية المطاف قد تصدق رؤية المواطن، وقد تخيب ليتم إنجاز المشروع المتروك منذ وقت طويل، و(لملمة) ما بقي منه في أيام قليلة قبل موعد التسليم، على طريقة (اللصمقة) التي لا تبصرها العين، ويدركها العقل!
ما أحوجنا (لعقل) يرى ما لا تراه العين، وقلب يصدق ذلك أو يكذبه!
وعلى دروب الخير نلتقي.