«عبر طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة عن أمنيته في ركوب قطار الرياض إذ لم يسبق أن ركب قطاراً. وقال الطفل محمد السنيدي لـ «سبق» خلال جولته في المعرض المتنقل لمشروع الملك عبدالعزيز للنقل العام بمدينة الرياض (القطار والحافلات): «يارب أركب قطار الرياض».
هذه ليست مجرد أمنية بل رسالة مهمة مطلوب تحقيقها في مشروع النقل العام بمدينة الرياض وغيرها من المدن. رسالة أنقلها لسمو أمير الرياض وفحواها أن أمنية هذا الطفل ليست مجرد ركوب القطار، بل بتهيئة ذلك القطار وتصميمه بشكل يسهل لأصحاب الإعاقات ركوبه واستخدامه وفق ظروف إعاقاتهم المختلفة. من منطلق أن بيئة المواصلات والنقل تلعب الدور الأكبر والأهم في تسهيل حياة الناس بصفة عامة وأصحاب الإعاقات بصفة خاصة.
توفير البيئة المناسبة لتنقل ووصول صاحب الإعاقة وكبير السن والحامل ومن في حكمهم ليس مجرد ترفاً ورفاهية، بل هو حق أصيل من حقوق تلك الفئات وتحضر الأمم يقاس بعنايتها بأقلياتها بما في ذلك أقليات المسنين وأصحاب الإعاقات. تلك الفئات تشكل حوالي 15 % من السكان أو أكثر حسب التقديرات العالمية وهم الأحوج لخدمات النقل العام من غيرهم من السكان.
عندما نتحدث عن تهيئة وسائل النقل العام فنحن نتحدث عن ثلاثة مكونات رئيسة في هذا الجانب:
1 - تجهيزات الطريق وتشمل الأرصفة ونوعيتها وارتفاعاتها والإشارات وممرات المشاه والسلالم الخارجية، وغير ذلك من المتطلبات.
2 - تجهيزات المحطات وتشمل المداخل، الممرات الداخلية، المصاعد، أماكن الجلوس، كاونترات التذاكر، شاشات العرض، المواقف، وغير ذلك من التجهيزات.
3 - تجهيزات وسائل التنقل كالحافلات والقطارات وما في حكمها ويشمل ذلك أماكن الجلوس والتحرك داخل وسيلة النقل والإشارات الداخلية وآليات الإعلان داخل الوسيلة وتوفر معلومات السلامة المناسبة لكافة الفئات بما في ذلك أصحاب الإعاقات السمعية والبصرية، وغير ذلك من التجهيزات.
طبعاً هناك تفاصيل أكثر من ذلك بكثير، لكن السؤال من أين نبدأ؟ من أين يبدأ مشروع النقل العام بمدينة الرياض وغيرها من المدن؟
يبدأ العمل في هذا الشأن من تعيين شركة استشارية متخصصة في موضوع تهيئة المنشآت لأصحاب الإعاقات وسهولة تنقلهم ووصولهم، تتولى متابعة المشروع تخطيطاً وتنفيذاً وتطبيقاً في كل ما له علاقة بموضوع تهيئته ليكون صديقاً لكافة الفئات وتحديداًً أصحاب الإعاقات ومن في حكمهم. مشروع النقل العام رصد له مليارات الريالات ولن يعيقه الاستعانة بشركة متخصصة في هذا الشأن ستكون تكاليفها جداً زهيدة مقارنة بحجم المشروع. أرجو أن لا يعتمد على الشركات المنفذة للوفاء بهذا الجانب دون وجود جهة استشارية رقابية تتابعهم، فغالبية مشاريعنا الكبرى ليست مهيأة بشكل مثالي لأصحاب الإعاقات رغم حداثتها وتكاليفها المليارية وعالمية الشركات التي تنفذها.
كثير من مشاريع النقل العالمية اضطرت لإجراء تعديلات في مشاريعها للوفاء بمتطلبات وقوانين وحقوق أصحاب الإعاقات ونحن لدينا فرصة لنخرج بمشروع مثالي عالمي في هذا الشأن لأننا سنبدأ من الصفر آخذين بأحدث ما وصل إليه العالم. شريطة التخطيط والمتابعة لهذا الأمر بكل جدية.
نريد تحقيق هذا الحلم، حلم ذاك الطفل يا سمو أمير الرياض.