لا أختلف مع كل من يطالب بتحسن الخدمات في كافة قطاعات الدولة، سواء منها القطاعات الخدمية المباشرة التي تمس حياة الناس اليومية، من صحة وتعليم وبلديات، أو ما يعني الوطن ككل.
إن المطالبة بتحسن الخدمات وإعطاء المواطن حقوقه التي أقرها ولي الأمر غاية في الإنصاف ولا ينفر منها أو يستثقلها إلا من لا يدرك المسؤولية وليس بكفء لتحملها..
.. هذا مبدأ أعتقد الجميع متفق عليه، لكن المختلف عليه، وأعتقد أن الآراء المتضادة حوله كثيرة بل كثيرة جداً، هو المطالبة بتقديم المسؤول المعني عن هذا القطاع أو ذاك استقالته عند حدوث خطأ ما، وهذا في اعتقادي من عدم الإنصاف، إلا في حالة واحدة، إذا كان ديدن هذا المسؤول الإهمال وعدم الإنجاز بشكل يوحي بعدم المبالاة، أما أن كانت القضية عرضية أو قابلة للحدوث فلا أعتقد أن هذه اللغة لغة تتناسب ومقام هؤلاء الرجال.
القصور في الأداء وارد ومحتمل، لكن الذي لا يقبل ولا يُحتمل تجاهل هذا المسؤول او ذاك ما يكتب عن الجهة التي يعمل فيها، وكذلك عدم المبالاة في الرد على الناقدين أو المقترحين.
إن أكثر ما يؤلم أصحاب الرأي هو تجاهل المسؤول مقترحاتهم، وصم أذنيه عن أصواتهم، وهذا مما يثير هؤلاء ويجعلهم يلجئون للأسلوب المستفز، فكما يقال لكل فعل ردة فعل، خاصة وأن من يكتب من أصحاب الرأي إنما يكتب من منطلق مصلحة هذا الوطن ومصلحة هذا المواطن، فالقضية ليست قضية شخصية، ولذا فإن تفاعل المسؤول مع الطرح يجب أن يكون فورياً ومقنعاً فنحن في المسؤولية سواء.
بقاء المسؤول في برجه العاجي ووضع الحجاب دون المواطن مخالفة صريحة لأوامر ولي الأمر، الذي دوماً يطالب المسؤولين بفتح أبوابهم لكل مواطن، ولعل سياسة الباب المفتوح التي تنتهجها قيادتنا منذ عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى هذا اليوم هي من أسباب تعميق العلاقة بين القائد والمواطن، في مواقف كثيرة يرفع المواطن صوته عندما يحاول موظف منعه من الدخول لمجلس الملك وولي العهد، ولا أحد يجرمه أو يرى أنه تجاوز الحد، بل ربما يعاقب هذا الموظف لمنعه من حق أقره ولي الأمر.
في رسالة علمية لصاحب السمو الملكي الأمير الدكتور فيصل بن مشعل بن سعود بن عبد العزيز تحت عنوان (المجالس المفتوحة.. والمفهوم الإسلامي للحكم في سياسة المملكة العربية السعودية) والذي صدر بتقديم لصاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وذلك عام 1420هـ ألقى الضوء على هذه السياسة المستمدة من الكتاب والسنة، وإنها -أي المجالس المفتوحة- ليست حصراً على فئة دون أخرى، بل هي لعامة الشعب وخاصتهم بل أيضاً لكل من أقام على أرض هذا الوطن من غير أهلها، وارجع المؤلف نجاح هذه السياسة لما يتمتع به قادة هذه البلاد من حب وألفة بينهم وبين شعبهم، الذين يتبادلون حباً بحب لا زيف فيه ولا مخادعة.
أعود لباعث هذه المقالة وهو التطاول على كبار المسؤولين من قبل بعض وسائل الإعلام وتقزيم جهودهم، مؤكداً أن هذا النهج ليس نهجاً حضارياً، كما أن تجاهل المسؤول لمطالب الناس، وصم أذنيه وعينيه عن ما نكتبه بصفتنا كتاب رأي نمثل المواطن في مطالبه يُعد ايضاً سلوكاً غير حضاري.