سعادة رئيس تحرير جريدة الجزيرة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فقد اطلعتُ على مقال الأخ سلمان بن محمد العمري - وفقه الله - عن العمل الخيري والمقابل المادي، المنشور يوم الجمعة 20-12-1434هـ العدد (15002).
ولا شك أن الأصل في العمل الخيري هو الاحتساب، قال تعالى: {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا}، قال ابن تيمية - رحمه الله -: «إنك لو طلبت من الدعاء أو الشكر فقد استعجلت أجرك في الدنيا».
فالاحتساب أفضل وأكمل، إلا إذا كان يعمل في جهة خيرية ومحتاج، وأفتاه العلماء بجواز الصرف له منها عن طريق المسؤولين عنها، فإنه قد يكون هو أولى من يُعان على الخير.
ومن ذلك من يسعى في الإصلاح بين الناس، وأنفق من ماله، فإنه يجوز أن يأخذ من الزكاة ولو كان غنياً؛ لأنه من الغارمين لمصلحة الغير.
فقاعدة الاحتساب في العمل الخيري لها استثناءات واضحة في الشريعة.
ومن حرص على احتساب الأجر فإنه يرجى له خير.
وفي كلام السيدة خديجة - رضي الله عنها - للرسول - صلى الله عليه وسلم -: «كلا والله لا يخزيك الله أبداً؛ إنك لتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق».
وفي الحديث الآخر «صنائع المعروف تقي مصارع السوء»، كما في مستدرك الحاكم والطبراني في المعجم الكبير.
ومما يحسن التنبيه إليه أن يحذر من يعمل في الأعمال الخيرية من أن يبحث عن الجاه بسبب أعماله الخيرية، والتصوير مع الوجهاء أو عند عمل الخير، ورحم الله علي بن الحسين زين العابدين، الذي كان يحمل الأكياس على ظهره في ظلمة الليل، ويوزعها على عشرات البيوت وهو متلثم أو متلطم؛ حتى لا يُعرف، وبإمكانه أن يرسل الخدم لتصل للمحتاجين، لكنه الصدق والبُعد عن لفت الأنظار.
ومع الأسف، نرى النساء باسم العمل الخيري والتطوعي يصففن مع الرجال للتصوير، فيقعن في الرياء والتبرج والاختلاط بالرجال، والذي يريد وجه الله لا يقف في هذه المواقف.
والمرأة تستطيع أن تعمل من داخل بيتها أعمالاً تطوعية كثيرة، وفي الحديث في مسند أبي يعلى عن أنس «مهنة إحداكن في بيتها تعدل أجر مجاهد».