حدَّدت هيئة السوق الماليَّة مطلع شهر يوليو المقبل الموافق الرابع من شهر رمضان العام المقبل، موعدًا لتطبيق الإجراءات والتَّعليمات الخاصَّة بالشركات المدرجة أسهمها في السوق الماليَّة، التي بلغت خسائرها المتراكمة 50 في المائة فأكثر من رأسمالها، وذلك بعد اعتمادها مجلس الهيئة.
ويأتي هذا القرار استكمالاً لتوجه الهيئة في السعي إلى تطوير السوق الماليَّة المحليَّة وتعزيز حماية المستثمرين، إلى جانب تطوير الإجراءات الكفيلة بالحدِّ من المخاطر المرتبطة بمعاملات الأوراق. وقد نوّهت الهيئة في هذا الصَّدد إلى أنّه روعي عند إعداد الإجراءات والتَّعليمات المشار إليها استقصاء مرئيات المعنيين والمهتمين والمختصين لدى الجهات والأطراف ذات العلاقة.
وأكد لـ«الجزيرة» اقتصاديون ومحللون ماليون أن هذه الإجراءات من شأنها أن تتيح للشركات الخاسرة إعادة هيكلة رؤوس أموالها، إضافة إلى تجنيب المستثمرين تجميد أموالهم لفترات غير معروفة، وتحفيز أداء سوق المال السعودي عبر رفع مستويات الإفصاح والشفافية التي ستنعكس إيجابا على معدلات الثقة لدى المستثمرين.
وقال لـ«الجزيرة» الاقتصادي الدكتور سعيد الشيخ: «لاشك أن هذه الإجراءات ستعزز من جوانب الشفافية والإفصاح فيما تعلق بأداء الشركات المدرجة وأوضاعها المالية، بما يمكن المساهمين من تحديد خياراتهم الاستثمارية»، مشيرا إلى أن قوة السوق المالية السعودية، مرتبطة بشكل أو بآخر بمستويات الشفافية والإفصاح، مبينا أن العلاقة هنا علاقة طردية فمتى زاد مستوى الإفصاح زادت معدلات الثقة لدى المستثمرين، وهذا بدوره ينعكس إيجابا على أداء السوق بشكل عام. ولفت الدكتور سعيد الشيخ إلى أن من النقاط الهامة جدا في الإجراءات الجديدة التي أقرتها هيئة السوق المالية أنها تضمنت وضع آلية لإتاحة الفرصة أمام الشركات والمستثمرين تجنبهم تجميد أموالهم لفترات غير معروفة، مبينا أن تجميد الأموال لفترات طويلة ينتج عنه أثر سلبي كبير على المستثمرين، مستشهدا في هذا الصدد بما حدث لمستثمري أسهم إحدى الشركات التي جمدت لمدة ست سنوات.
وأضاف الدكتور الشيخ: هذه الآلية قد تمكن المستثمرين من استعادة جزء من أموالهم، في المقابل قد تمنح الشركات القدرة على إعادة هيكلة رؤوس أموالها، وهذه آثار إيجابية تصب في صالح السوق المالية مع مرور الوقت».
من جانبه، قال المحلل المالي تركي فدعق أن اللوائح الجديدة التي أقرتها هيئة السوق المالية لن يكون لها تأثير مباشر على أداء السوق المالية حاليا، لاسيما أن تطبيقها سيكون في مطلع شهر يوليو المقبل، لكنه أشار إلى أن تأثيرها المباشر سيكون على 7 شركات مدرجة تجاوزت خسائرها الـ%50 منها 6 شركات في قطاع التأمين وشركة واحدة في قطاع التجزئة، مبديا إعجابه بتوقيت تطبيق الإجراءات، معتبرا إياها خطوة جيدة تتيح للشركات الخاسرة لملمة أوراقها وترتيب أوضاعها من خلال إعادة هيكلة رأسمالها حتى موعد بدء التطبيق، وقال: بعد تطبيق الإجراءات سيتوجب على الشركات الإفصاح كاملا عن خسائرها وهذا الأمر يعزز مفهوم الشفافية في السوق المالية».
وتستهدف الإجراءات الجديدة تنظيم الآلية الخاصَّة بالتعامل مع الشركات في حال بلغت خسائرها المتراكمة 50 في المائة فأكثر، وبما يقل عن 75 في المائة من رأسمالها، وأيْضًا في حال بلوغ الخسائر المتراكمة للشركة 75 في المائة فأكثر وبما يقل عن 100 في المائة من رأسمالها، وبلوغ الخسائر المتراكمة للشركة 100 في المائة فأكثر من رأسمالها، إضافة إلى تضمنها مادة مختصة بالتعامل في أسهم الشركة بعد إلغاء إدراج أسهمها في السوق الماليَّة التي أجازت بموجبها التعامل في أسهم مثل تلك الشركة من خلال مركز إيداع الأوراق الماليَّة وفقًا لآليات السوق المعتمدة.
واشتركت حالات الشركات بعدة إجراءات، أهمها: وجوب إعلان الشركة فورًا للجمهور ودون تأخير عند بلوغ خسائرها المتراكمة 50 في المائة فأكثر على أن يتَضمَّن مقدار الخسائر المتراكمة ونسبتها من رأس المال والأسباب الرئيسية التي أدت إلى بلوغ هذه الخسائر مع الإشارة في الإعلان إلى أنّه سيتم تطبيق هذه الإجراءات والتَّعليمات عليها، تقوم السوق بإضافة علامة إلى جانب اسم الشركة في موقع السوق الإلكتروني ترمز لذلك، وتحذف عند تعديل أوضاع الشركة، وأيْضًا يجب على الشركة الإعلان للجمهور في نهاية كل شهر عن قوائمها الماليَّة المعدَّة من قبل إدارة الشركة وبما لا يتجاوز 10 أيام.
فيما تشترك الشركات في حال بلوغ الخسائر المتراكمة 75 في المائة فأكثر وبما يقل عن 100 في المائة من رأسماله، وبلوغ الخسائر المتراكمة 100 في المائة فأكثر من رأسمالها في عدد من الإجراءات، أهمها: يعلق تداول أسهم الشركة في السوق لجلسة تداول واحدة تلي صدور الإعلان في الحالة الأولى، بينما يعلق تداول أسهم الشركة في السوق إذا فاقت الخسائر 100 في المائة بعد وضع علامة في السوق، إلزام مجلس إدارة الشركة في الحالتين أعلاه بإعداد خطة لتعديل أوضاع الشركة وإعلانها للمساهمين خلال فترة لا تتجاوز 90 يومًا من صدور الإعلان، وتكوين لجنة مسؤولة عن تنفيذها، وأن تعلن الشركة للجمهور بشكل ربع سنوي عن تفاصيل تنفيذ الخطة مُتضمِّنة التوقعات الماليَّة الربع سنوية والسنوية، ووصف التنفيذ الفعلي لمؤشرات الأداء. وأيْضًا في إجراء إلغاء إدراج أسهم الشركة بعد مرور 30 يومًا إذا لم تلتزم الشركة بإعداد الخطة المطلوبة، أو إذا انقضت سنتان ماليتان تاليتان للسنة الماليَّة التي تجاوزت فيها الخسائر المتراكمة للشركة 75 في المائة من رأسمالها دون تعديل أوضاعها.