قام وفد علمي مكون من الأستاذ الدكتور عبدالعزيز بن سعود الغزي والأستاذ الدكتور سليمان الذييب والأستاذ مساعد الغزي والأستاذ يزيد الغزي، وكان ذلك بدعوة من بدعوة من الأستاذ عبدالعزيز بن سعود السعدان مدير الشئون التعليمية في مركز الرين، وكانت البداية بزيارة جبل يقع في قلب وادي الرين إلى الجنوب الشرقي عن مركز الرفاع وبمسافة قريبة قد لا تتجاوز مئتي متر. وبالرغم من أن واجهات الجبل قد تعرّضت للتدمير الحديث إلا أنه لا يزال يحتفظ بالكثير من لوحات الرسوم الصخرية.
وعلى واجهات هذا الجبل شاهدنا العديد من اللوحات الفنية التي تشتمل على رسوم عوديه الطابع ويغلب فيها أشكال الوعول ذات القرون الطويلة والملتفة للخلف بنصف استدارة وبأوضاع مختلفة، كما لاحظنا وجود الأبقار الإفريقية التي لم يعد لها وجود في الجزيرة العربية منذ زمن طويل، وشاهدنا رسوماً للجمال والخيل وبعضها عليه فرسان مشرعي الرماح إما لصيد وعول أو لمطاردة جمال.
ومن اللوحات المهمة على وجهات ذلك الجبل لوحة تحمل رسوم متعددة لأبقار بقرون طويلة شبيهة بالبقر الهندي، ونفذت هذه الرسوم بدقة بارعة وتفريغ كامل لجسم الحيوان وهو ما يعرف بالمنظر الصامت. ويُضاف إلى ذلك المشهد مشهد لحيوان ضخم منقلب على ظهره وقوائمه إلى الأعلى وتتسم بالقصر، وإلى جواره رسم لحيوانين مفترسين يبدو أنهما يأخذان راحة بعد العراك مع ذلك الحيوان الضخم.
وبعد ذلك توجهنا إلى وادي الرقيطية وهو أحد روافد وادي الرين الكبيرة، والوادي عبارة عن أخدود بين جبلين لا يمتد كثيراً ويتجه من الشمال الشرقي صوب الجنوب الغربي بتعرج، وفي أعلاه تُنهي امتداده سلسلة جبلية علماً أننا لم نصل نهايته. يتسع هذا الوادي ويضيق في أماكن، وتكثر فيه الأشجار المرتفعة والتي أخذت بالتصحر. ويحد الوادي من الجانبين حافتان جبليتان صخورها ملساء بنية جميلة وأحياناً وردية اللون وملساء الأوجه. وعلى هذه الصخور تكثر الرسوم الصخرية بلوحات جميلة تشتمل على عناصر مختلفة؛ منها الجمال، والنعام، والأشخاص الراقصين، وأكف الأيدي، والخيل بفرسانها، والآلات الموسيقية كالسمسمية ورسوم حيوانات أشبه ما تكون أسوداً أو كلاب صيد وأشكال عوديه، ونقوش بالقلم المسند الجنوبي ورسوم جمال مفرغ جسمها بالكامل؛ ورسوم وعول ضخمة، وصغيرة، ومتوسطة، ورسوم وعول متداخلة تعطي شكلاً جمالياً هندسياً وغير ذلك الشيء الكثير.
في واقع الأمر يحتاج وادي الرين إلى دراسة مسحية كاملة من قبل الجهات المسؤولة إذ إن ما تحدثنا عنه يكتشف لأول مرة ولم يسبق أن جاء على حدِّ علمي في أي تقرير قرأته سواء للرحالة الأجانب أو مطبوعات ودراسات وتقارير الهيئة العامة للسياحة والآثار (قطاع الآثار والمتاحف). فما يوجد في وادي الرقيطية من الرسوم الصخرية يكفي لنشر كتب كاملة علماً أن مدة زيارتنا للوادي لم تتجاوز الساعتين والنصف. إضافة إلى الدراسة الأثرية يستحق هذا الوادي حقيقة أن يكون محمية طبيعية، نظراً لجمال طبيعته وكثرة أشجاره، ووجود الكثير من الرسوم الصخرية والكتابات على واجهات حافتي السلسلتين الجبليتين الحاصرتين للوادي.
وإلى جانب وجود المغارات والكهوف التي قد تكون شكّلت في يوم من الأيام ملاجئ للإنسان، توجد مغارة ضخمة في أسفل الوادي تكثير فيها الجثث والجماجم البشرية حسبما ذكر الدليل، ولكن لم نستطع الوصول إليها لضيق الوقت وعدم معرفة الدليل بمكانها الدقيق.