استطاع الرئيس المنصف المرزوقي تغيير وجهة الرأي العام الى الحوار الوطني الذي أعلن الرئيس أنه سيستأنف اليوم الاثنين أعماله بعد أن وقع التوافق بشأن الشخصية الوطنية التي ستخلف علي العريض على رأس حكومة الكفاءات المستقلة، وفق ما جاء في خريطة الطريق من بنود التزمت بها كل الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار قبل انطلاق جولته الأولى ووقعت عليها.
وظل التونسيون بما فيهم النخبة السياسية في ذهول تام لعدة ساعات بعد انتشار فحوى الحوار الصحفي الذي أجرته وكالة الأنباء التركية «الأناضول» مع المرزوقي، بين مكذب لخبر عودة الحوار ومصدق لتمكن الفرقاء من التفاهم حول شخصية رئيس الحكومة الجديد، الى أن طلع على الناس رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان أحد أضلاع الرباعي الراعي للحوار، ليعلن أنه خلافاً لما صرح به رئيس الدولة، لم يتم التوصل الى اتفاق بين الأحزاب السياسية حول المرشح النهائي لمنصب رئيس حكومة الكفاءات المستقلة.
وأفاد عبدالستار بن موسى رئيس الرابطة، «بأن الرباعي لم يتوصل الى حدود ساعة متأخرة من ليلة الأحد- الإثنين بأية إجابة من الأحزاب السياسية المشاركة في الحوار»، مضيفاً أن الرباعي لا يزال يجري مشاورات مع القيادات الحزبية في مسعى أخير لاستئناف الحوار على قاعدة الوفاق حول المسائل المطروحة وأهمها المساران الحكومي والتأسيسي والهيئة المستقلة للانتخابات.
ويذكر هنا، أن الحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار، كان التقى الأسبوع الماضي المنصف المرزوقي الذي طمأنه بأنه لا ينوي الاعتراض على أية شخصية سيرشحها الحوار الوطني بتوافق الفرقاء السياسيين، مما ضاعف تفاؤل العباسي بإمكانية استئناف جلسات الحوار قريباً بعد أن انزاحت عقبة «فيتو الرئاسة» الذي كان أشار إليه المرزوقي في أحد حواراته السابقة، مما أثار مخاوف الرباعي من تعطيل آخر لتنفيذ بنود خارطة الطريق حتى بعد اتفاق الأطراف المشاركة فيه بصعوبة كبيرة. إلا أن العباسي عاد أمس ليؤكد بنبرة فيها الكثير من المرارة بأنه بالإمكان رأب الصدع وعودة الفرقاء الى طاولة الحوار منتصف الأسبوع المقبل دون أن يحدد يوماً معيناً لذلك.
وبالعودة الى تصريحات المرزوقي الأخيرة التي أدخلت إرباكاً خطيراً على الحياة السياسية المضطربة أصلاً، قد شنت صفحات التواصل الاجتماعي على الإنترنت حرباً شعواء ضد رئيس الدولة على خلفية قوله إن قوة عربية تقف وراء محاولات إجهاض «الربيع العربي» وبأنه لن يسمح لأي طرف خارجي بأن يجهض حلم التونسيين في بناء دولة ديمقراطية مدنية مستقرة.
وأشار المرزوقي في حواره- الزوبعة كعادته كلما نطق، الى أن هناك قوة داخل الوطن العربي قررت إجهاض الثورة في دول الربيع العربي كافة، مشدداً على أن الشعب التونسي ليس ساذجاً ويفهم الأمور جيداً، وأضاف بأن لديه قناعة أن وراء الإرهاب ثمة ثورة مضادة وهي التي تقف وراء ثورة الربيع العربي في كامل الوطن العربي.
في ذات السياق قال المعارض الشرس لحركة النهضة القيادي والناطق الرسمي باسم الجبهة الشعبية، الهمامي إنه بانقضاء يوم أمس الأحد بلا توافق، يمكن اعتبار الحوار الوطني قد فشل بصفة رسمية، محملاً النهضة ومن معها من أحزاب مسؤولية هذا الفشل.
وفي المقابل، تكثف حركة النهضة التي تقود ائتلاف الحاكم من مشاوراتها الداخلية والخارجية مع بعض الأحزاب «الصديقة» لها من أجل تذليل كل الصعوبات أمام استئناف جلسات الحوار على الأقل خلال الأسبوع الجديد او قبل نهايته. واستناداً الى تصريحات قياديين بأحزاب قريبة من الحزب الحاكم، فإنه سيكون من الصعب الحديث عن عودة الى طاولة الحوار قبل الأربعاء او الخميس القادمين، وذلك بالنظر الى تعمق الخلافات بين الفرقاء السياسيين وتشبث أحزاب المعارضة وعلى رأسها الجبهة الشعبية بفرض شروطها للعودة الى الحوار من جديد.