فيما تتعرض المنشآت التجارية والصناعية والمالية السعودية لسيل جارف من الاتهامات يتمحور حول غيابها الملحوظ عن ساحة المسؤولية الاجتماعية، وضعف مشاركتها الفاعلة في مشروعات التنمية المستدامة، برزت الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) كقاطرة لثقافة العطاء للتنمية، ونجحت خلال السنوات الأخيرة في أن ترسخ لقاعدة عريضة من المشروعات التنموية الاجتماعية من خلال إبرام شراكات طويلة المدى مع العديد من مؤسسات القطاع الخيري.
في مقدمة القطاعات التي حظيت بمساندة غير مسبوقة من (سابك) يأتي قطاع المعوقين، وعلى وجهة الخصوص جمعية الأطفال المعوقين، إذ بادرت «سابك» على مدى نحو عشرين عاماً بتقديم صور عدة من الدعم لكافة مراكز الجمعية الخدمية في مراحلها الإنشائية، كما تبنت العديد من برامجها على صعيد العلاج والتأهيل والتعليم، ويأتي برنامج «الابتعاث الداخلي» كتتويج لتلك البرامج.
حيث أبرمت الشركة والجمعية مؤخراً اتفاقية تعاون تؤطر لمشروع (سابك للابتعاث الداخلي للأطفال المعوقين)، ويتضمن المشروع تبني الشركة السعودية للصناعات الأساسية (سابك) ولمدة خمس سنوات تغطية تكاليف الخدمات المتكاملة التي تقدمها الجمعية لعدد 20 طفلاً بمعدل سبعين ألف ريال لكل طفل سنوياً، وتبلغ القيمة الإجمالية للمشروع سبعة ملايين ريال.
وتشمل الخدمات التأهيلية المقدمة للأطفال المستفيدين من المشروع، خدمات طبية تتضمن التقييم والطوارئ وعيادة العظام وعيادة الأعصاب، والعمليات الجراحية، وعلاج الأسنان، أما برنامج العلاج المكثف فيشمل العلاج الطبيعي، والعلاج الوظيفي، وعلاج عيوب النطق، وجلسات التمريض، وورشة الجبائر والأجهزة المساعدة.
كما تشمل الخدمات برنامج العلاج التأهيلي في المدرسة، والخدمات التعليمية من خلال المراحل الدراسية الثلاث، الطفولة المبكرة، والتمهيدي، والابتدائي، بما فيها إكساب المهارات وتوفير وسائل المساعدة، والبرامج المنهجية وبرامج التقييم النفسي والمشاركات الخارجية، وكذلك الخدمات الاجتماعية بما فيها الزيارات المنزلية والتوعية والتدريب للأمهات، إضافة إلي المختبر والأشعة.
ومن جانبه دعا صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز رئيس مجلس إدارة جمعية الأطفال المعوقين الشركات والمؤسسات والبنوك الوطنية لاستنساخ مبادرات شركة «سابك» في مجال المسؤولية الاجتماعية والتنمية المجتمعية.
وقال سموه في تصريح صحفي لدى إطلاق المشروع «أن المكانة المتميزة التي تحتلها (سابك) ليس لكونها إحدي القلاع الصناعية الوطنية فحسب، بل لريادتها في برامج المسؤولية الاجتماعية، ولدورها المؤثر في التنمية المجتمعية، ولتفاعلها الصادق مع العديد من قضايا العمل الخيري.
ووصف سموه مبادرة (سابك) الجديدة بأنها نموذج مثالي يحتذي لبرامج المسؤولية الاجتماعية لمنشآت القطاع الخاص، مشيراً إلى أن برامج الرعاية في الجمعية تسهم في خلق حياة جديدة لهؤلاء الأطفال بما يمكنهم من خدمة أنفسهم ومجتمعهم.
وأعرب الأمير سلطان بن سلمان عن شكره وتقديره لسمو رئيس مجلس إدارة سابك صاحب السمو الأمير سعود بن عبدالله بن ثنيان آل سعود ولأعضاء مجلس إدارة الشركة على تفاعلهم الكريم والمميز مع برامج الجمعية ومشروعاتها وأضاف سموه «هذا التفاعل تجاوز إطار القيادة العليا إلى كافة منسوبي الشركة، وهو ما يجسد بيئة العمل المثالية التي تتصف بها تلك الشركة العملاقة».
وأضاف سموه: «ذلك البرنامج يمثل صورة جديدة في سجل حافل من المشاركة والدعم تواصل على مدى أكثر من عشرين عاماً من (سابك) للجمعية، مشيراً إلى أن كافة مشروعات الجمعية الخدمية والوقفية تدين بالكثير لشركة (سابك) حيث لم يتوان المسؤولون في الشركة عن تقديم الدعم العيني من منتجاتها لإقامة تلك المشروعات وإنجازها في وقت قياسي.
وذكر الأمين العام لجمعية الأطفال المعوقين الأستاذ عوض الغامدي أن مشروع «سابك للابتعاث الداخلي للأطفال المعوقين» من منتسبي الجمعية يشترط أن يكون الطفل المستفيد سعودياً ويعاني من الإعاقة الجسدية العقلية المزدوجة وأن لا يزيد عمره عن 12 عاماً، وتقدم الجمعية للجهات المعنية في الشركة تقريراً كاملاً ومفصلاً عن سير الدراسة وبرامج العلاج والتأهيل التي حصلوا عليها للأطفال المبتعثين في نهاية كل عام دراسي.
واستطرد الغامدي قائلاً: «إن لغة الأرقام الذي يجسدها تقرير الأداء السنوي للجمعية تؤكد تحقيق نتائج قياسية على صعيد اكتساب المهارات الجديدة لأطفال مراكز الجمعية حيث تم تأهيل 1313طفلاً عانوا منذ ولادتهم من عدم القدرة على المشي، وخلال السنوات الثلاث الماضية تمكن هؤلاء الأطفال من المشي سواء باستقلالية تامة أو بالاستعانة بأجهزة مساعدة.
وأعلن الأمين العام للجمعية الأستاذ عوض عبدالله الغامدي أن مهارة المشي التي أكتسبها هؤلاء الأطفال واكبها أيضاً مهارات أخرى كالأكل وارتداء الملابس بدون مساعدة، أو النطق أو الكتابة والقراءة، حيث استطاع المئات من الأطفال الاعتماد على أنفسهم بشكل ملموس بما مكن العشرات منهم من الاستفادة من برنامج الدمج في مدارس التعليم العام، والذي يشمل نحو 240 طالباً وطالبة من منسوبي الجمعية سنوياً.
وقال: «أنني أدعو الجميع لزيارة أي مركز من مراكز الجمعية للتعرف عن قرب على حجم الجهد المضاعف الذي يبذله الإخصائيين والإخصائيات لخدمة الأطفال، و للاطلاع على أجواء العمل المثالية التي تحتضن الأطفال وأسرهم، وتتيح الفرصة للمئات من طالبات الأقسام المتخصصة في الجامعات للتدريب في أقسام الجمعية المختلفة، مشيراً إلى أن الجمعية باتت مركزاً معترف به لتطبيق برامج التدريب الأكاديمية في التربية الخاصة، والعلاج النفسي والخدمة الاجتماعية والعلاج الطبيعي والعلاج الوظيفي.
واختتم الأمين العام للجمعية تصريحه قائلاً: «إن هناك أكثر من 220 طفلاً تؤكد التقارير العلاجية والتعليمية تحسن حالاتهم بشكل ملموس خلال العام الدراسي الماضي رغم أنهم كانوا على نسبة كبيرة من الإعاقة.