يبدو أن عودة الحوار الوطني الى الانعقاد في الجولة الجديدة الثلاثاء المقبل كما كان اعلن الرباعي الراعي له مستحيلة؛ بسبب تعنت الأطراف السياسية المشاركة وتمسكها بفرض اختياراتها واهمها ترشيح شخصية توافقية لخلافة علي العريض على رأس حكومة الكفاءات وفق ما تتضمنه خارطة الطريق باعتبارها الوثيقة المرجع التي وقعت عليها اغلبية الأحزاب الفاعلة في البلاد.
ومع انحسار رقعة الأمل في نجاح الرباعي الراعي للحوار في رأب الصدع بين الفرقاء السياسيين خلال هذين اليومين اللذين تبقيا في عمر المفاوضات خارج اسوار الحوار عادت المشاحنات لتسيطر من جديد على المشهد السياسي المحتقن اصلاً، حيث ما زال طرفا النزاع حكومة الترويكا واحزاب المعارضة يتبادلان التهم بين بعضهما.
هذا وقد نظمت الجبهة الشعبية مسيرة سلمية بمشاركة المئات من مناصريها وتوقف المتظاهرون امام قصر الحكومة بالقصبة بالعاصمة تونس منادين بوجوب تفعيل استقالة الترويكا.
وفي هذا الإطار المشحون لايزال نواب المجلس التأسيسي من غير المنسحبين او الذين يسمون انفسهم بـ»المرابطين» على موقفهم من رفض الغاء التنقيحات التي ادخلوها على النظام الداخلي للمجلس بالرغم من تأكيد محمد بنور الناطق الرسمي باسم حزب التكتل احد اضلاع الترويكا الحاكمة بان البعض من قيادات النهضة ابلغتهم انهم بصدد التشاور حول الصيغة التي سيعتمدونها لتنقيح التعديلات.
كل تلك الاحداث اسهمت بشكل مباشر في تضاؤل حظوظ نجاح اتحاد الشغل الذي يقود الرباعي الراعي للحوار في اعادة لم شمل الاحزاب السياسية في قاعة جلسات الحوار لاعتبارات عديدة لعل اهمها تشبث حركة النهضة بمرشحها لمنصب رئيس الحكومة من جهة واصرار المعارضة على مرشح آخر لرئاسة الحكومة.
وبالرغم من وصول الحوار الوطني الى نفق مظلم تظل المنظمات الأربعة الراعية للحوار على تفاؤلها بامكانية نجاحه وفرضية توفقها الى ايجاد مخرج يرضي كافة الفرقاء السياسيين ويؤذن بانقشاع السحب عن سماء تونس التي تئن تحت وطأة الأزمة السياسية والاقتصادية والأمنية والاجتماعية التي تعصف بها منذ اشهر.
في غضون ذلك عاد الحديث عن انسحاب ثان للحزب الجمهوري المعارض من جبهة الإنقاذ لرفضها انخراط بقية الأحزاب في تيارها وانفراد بعض القيادات البارزة بالقرار على اساس التشدد في المطالبة برحيل حكومة الترويكا حتى قبل تعيين حكومة جديدة تحل محلها.
ويقر السياسيون اليوم بتعثر المفاوضات على خلفية تشتت الجهود الرامية الى تقريب وجهات النظر.
يأتي ذلك في وقت انقسمت فيه المعارضة من الداخل فيما جمد التكتل نشاطاته صلب الترويكا الحاكمة بسبب التعديلات التي حدت من صلاحيات رئيسه رئيس المجلس التأسيسي وتبعثرت جهود الرباعي الراعي للحوار الوطني التونسي.
وعلى ضوء ما يبذله الرباعي من جهود وما يقوم به من مساع يقر المتتبعون للشأن السياسي بصعوبة استئناف الحوار الوطني ما لم تجهز الأرضية الملائمة لجمع الفرقاء مرة اخرى الى طاولة الحوار بعد ان تشعبت سبل لم شملهم وفتحت جبهات اختلاف اضافية فيما بينهم عطلت المسار التأسيسي الذي كان من المفروض ان يكون القاطرة التي تقود المسارات الأخرى نحو الانفراج.