في مقالة جميلة في مجلة المختار (Reader›s Digest ) لُخِصت فيها (جملة) من السلوكيات التي يتميز بها الأغنياء العصاميين ممن استفاضت شهرته وهي دعوة لك أيها القارئ كي تستن سنتهم وتقتفي أثرهم فيما يخص طباعهم الجيدة؛ علك تصل إلى ما وصلوا إليه، وإليك شيئا من طباع الأغنياء وأسرارهم مع التصرف والإضافة والتعديل:
1 - إن أهمية المحافظة على المال عند هولاء الأغنياء يساوي أهمية جمعه: أي أن حرصهم على عدم التبذير يوازي اجتهادهم في جمع المال وتنمينه حيث تراهم -من حصافة عقولهم- يعطون لكل هللة قدرها؛ فإن وجد أحدهم مصباحا مشتعلا لالحاجة له اطفأه وإن وجد بقايا من طعام قدّره
الكفر بالنعمة يدعو إلى
زوالها والشكر أبقى لها
لايشترون إلا ما يحتاجون، ومالهم لا يذهب- في الغالب - على مقتنيات لا حاجة لها، ويحركهم في هذا الحكمة القائلة : من اشترى مالايحتاج؛ باع ما يحتاج!
وتروي (باتي برنانت) مالكة شركة عقارية تخصصت في الأبراج الفاخرة، أنها نصحت حفيدتها بألا تهدر (مشابك الورق) في صفحات دفترها المدرسي لكي تعيد استخدامها فيما بعد، وردت الحفيدة: جدتي، هذه ثمنها فلس أو يزيد، فردت عليها الجدة: هل تعرفين لأي مدى قد يأخذك فلس إذا ساءت الأمور!
2 - إيمانهم بقانون السبب والنتيجة واعتقادهم الجازم بأن النجاح ليس هبة تمنح أو منحة تهدى أو حظ يزور، بل إن النجاح يُصنع في (معامل) الجد والاجتهاد والمثابرة، وعلمتهم الأيام أن المال يحتاج لرجل جلد على النوازل وهو من سيسعفه الدهر بأمنياته، لسان حالهم :
الناس في طلب المعاش وإنما...
بالجد يرزق منهم من يرزق
3 - التركيز والجدية والانضباط ووضوح الهدف وعندما كان يُسأل المستثمر العبقري (بافيت) عن سر هذا التفوق في الأعمال كان يجيب هو وصديقه بيل جيتس بإجابة واحدة: (التركيز)؛ فقد كان تركيزه الأول وسعيه الدؤوب نحو جمع المال وقبل أي شيء آخر، ويقول كذلك: إن (التركيز هو ثمن الإجادة في الحياة)
4 - ولاؤهم لمساقط رؤسهم وقوة انتمائهم لأماكن نشأتهم وحفظهم للعهد واجتهادهم في رد الجميل ومن ذلك ما فعله الشيخ البصيلي للبكيرية والشيخ الخضير لرياض الخبراء وغيرهم كثير.
5 - هولاء العصاميون عندما تراهم لا تفرقهم كثير عن الناس فهم يذهبون لأماكن تسوق العامة ويرتادون مطاعمهم ولا يكاد أحد يشك في أنهم من أصحاب المليارات فلم تترفهم نعمة، وما أطغاهم غنى.
6 - العظيم الحكيم منهم يستمتع بالمال استمتاعا حقيقيا فهو جم الإفضال، كثير المبرات، يقطر من شمائله ماء الكرم يعطي ويبذل بشكل منظم مع التحري الكبير للمستحقين.
7 - عدم البذخ والإغراق في الترف والمبالغة في الشكليات فلا استعراض سامج ولاتنافس صبياني، لا يحدوهم حادي الخيلاء، ولا يثني أعطافهم الزهو، وسمعت عن أحد أكبر تجار العقار في الرياض أنه يكتفي بنوع واحد من الفاكهة في وجباته !والكثير من هولاء التجار لا يجد غضاضة في البقاء في مسكنه القديم الذي ألفه ولو تقادم الحي !
8 - يفتخرون بماضيهم الصعب ويسترجعون هاتيك الليالي السوداء ويطربون لذكر المواقف الموجعة والمشاهد المؤلمة التي مروا بها، عندما أصابهم في صدر أيامهم وأول نشأتهم جوع يصدع الرأس، ويلحس الكبد
ضاقت ولو لم تضق لما انفرجت
والسر مفتاح كل ميسور
وكثرة سردهم لتلك الأيام من باب العظة والتذكير وشحذ الهمم كما أنهم ودون استثناء تكبدوا خسائر كبيرة وتجارتهم ليست على حال واحدة
يوم علينا ويوم لنا
ويوم نساء ويوم نسر
9 - إيمانهم الكبير بضرورة تعليم أولادهم التجارة ومبادئ الصنعة من نعومة أظفارهم ومن النماذج الجميلة ما تقدمه أسرة العقيل(ملاك جرير) من نموذج رائع في إنشاء جيل قيادي وفق ضوابط صارمة وتدرج في الوظائف لا يخضع للعاطفة
10 - يخاطرون دون اندفاع ويغامرون دون تهور
خاطر بنفسك كي تصيب غنيمة
إن الجلوس مع العيال قبيح
ويؤمنون بنظرية قليل دائم خير من كثير منقطع وخير مثال على ذلك عدم دخول كبار التجار في سوق الأسهم رغم الإغراء الشديد والربح الخيالي.
11 - وفي الجانب الآخر من الأمر والوجه الثاني من العملة هناك أشياء سلبية ربما تمثل قاسما مشتركا عند (بعض) الأغنياء منها اعتلال الصحة فجأة وقد أفنى شبابه بالكد دون استجمام وراحة والحكماء يقولون : من لم يجد وقتا للراحة سيجد في المستقبل وقتا للعلاج!
ومما يؤخذ على بعضهم الانشغال المستمر وهو ما يحدث فجوة أسرية كبيرة جعلت كل فرد في الأسرة له عالمه الخاص، وهناك ظاهرة أخذت في التفشي ألا وهي توريث الأغنياء (الخلافات الأسرية) بعد وفاتهم حيث إن الكثير من البيوت الغنية (مثخنة) بالمشكلات بعد وفاة والدهم، حيث ترى الأبناء متناحرين قد فسدت ذات بينهما، ووقعت بينهم وحشة، وانتثر عقدهم، وصدع البين شملهم، لايلتقون إلا في المحاكم!ِ
ومضة قلم
فقير من لا يملك المال وأفقر منه من لايملك إلا المال!