اعتدت على الجلوس باستمرار في مكتب معالي الأخ العزيز سحمي بن شويمي المستشار والمشرف العام على مكتب سمو امير الرياض في مكتبه في إمارة الرياض, حوارات وأفكار تأتي من هنا واقتراحات تذهب هناك, هذه الجلسة الشبه اعتيادية عادة ما تكون هي المقدمة الأولى التي من خلالها نصوغ ما يجول في عقولنا على شكل أفكار مدروسة نرفعها إلى المسؤولين نبغي من ورائها الصالح العام, للحديث مع ابن شويمي نكهة خاصة بطعم عبق المطر على تراب الرياض, لحظات ننتظرها باستمرار ونسعى بكل جهدنا على عدم تفويتها.
ما لفت انتباهي كلما جلست أمام ابن شويمي هو سؤاله الأول الذي أصبح عادة بيننا: اخبرني يا دكتور هل ممرات الإمارة مفتوحة وسالكة لك؟ ويقصد طبعا ممرات الكرسي المتحرك الذي استخدمه للمسير, أحيانا يعيد السؤال أكثر من مرة في نفس الجلسة مشددا علي أن أخبره ان حصل شيء من إغلاق أو سوء في الممر, في الجلسة الأخيرة وحين أنهى سؤاله المعتاد واجهته بسؤال مباشر وقلت له: لم أشهد عندكم التقصير في موضوع الممرات الخاصة لذوي الاحتياجات الخاصة, وحرصكم ملاحظ وتشكرون عليه, لكني بحسي الصحفي أستشعر ان هناك ما بين السطور من وراء سؤالك.
لم يخف الحقيقة طويلاً حيث أخبرني بقصة حصلت معه ذات يوم حين اجتمع مع بناته و وضعن أمام عينيه صورة لصاحب إعاقة يسير بكرسي مدولب على أحد الأرصفة وحين هم بالنزول من الرصيف تفاجأ بان هناك مركبة تسد الممر الخاص لكرسيه المتحرك, وصاحب الكرسي واقف تحت الشمس واضعا يده تحت خده منتظرا أن يعود صاحب المركبة ليطلق سراحه, ابن شويمي تأثر كثيرا بالصورة وأصابت في نفسه الحرج والمسؤولية, ومنها إصابته بحالة مستديمة من التفكير بتلك الصور ومحاولة الشعور بما يشعر به صاحب الكرسي, الحالة جعلته في سؤال دائم عن هذه الممرات وأية أمور أخرى قد تعيق حركتنا وانتقالنا كمعاقين حركيا.
حين شاهدت الصورة التي أثارت حفيظة الرجل تبسمت وقلت له يا صديقي لو هناك جهاز يطبع الصور المحفوظة في ذاكرتي لأريتك الكثير من هذه الصورة وأشد منها, هذه معاناة بل حرب نخوضها كل يوم, هذا واقع مؤلم يا صديقي لكننا لن نرضاه ولن تثني عزيمتنا قسوة الظروف, هذه حرب بهمة أمثالكم وتوجيهات صاحب السمو الملكي الامير خالد بن بندر امير منطقة الرياض ونائبه صاحب السمو الملكي الامير تركي بن عبدالله واهتمامهما سننتصر بها, الحرب جولات ومعارك, هؤلاء من أمثال من أغلق الممر صاحب الصورة فئة ضيقة لكن لحظة معاناة من ورائهم لا يمكن غفرانها, يا صديقي سحمي بن شويمي يا أبو تركي ان كنا قد ابتلينا من الله محبة في إعاقاتنا فإن الوطن قد ابتلي بأمثال صاحب المركبة في تلك الصورة هداهم الله، لنتعاون معا والله يوفقنا.