أكدت مصادر لـ«الجزيرة» أن وزارة العدل تتعقب حالياً عدداً من المحامين المتورطين في دعم اعتداءات موكليهم على أراضٍ بمليارات الريالات، والإساءة بكتاباتهم الإعلامية كردة فعل على ما تم إحباطه من عمليات الاعتداءات على حق الوطن والمواطن، ودعمهم في هذا النشاط من قِبل موكليهم، مع اصطفاف آخرين باسم المهنة في قضايا سياسية وفكرية مخالفة لمنهج الدولة، ومخالفة قلة أخرى لأدبيات المهنة المنصوص عليها في نظام المحاماة، ودخول آخرين في تنظيمات غير مسموح بها شرعاً ونظاماً، وكل مجموعة تختلف عن الأخرى، وأن بعضاً منهم حاولوا قلب الطاولة لصرف النظر عن أخطائهم الجسيمة في التغريدات للتحدث عن منجزات وزارة العدل التي أشاد بها مجلس الوزراء مرات عدة، وهو الجهاز الأول في الرقابة على الأداء الحكومي، وأشاد بها ـ كتابة ـ العديد من قيادات القضاء في المحكمة العليا، ومحاكم الاستئناف، وجمع من المحامين الذين زاروا مشروع خادم الحرمين الشريفين لتطوير مرفق القضاء، وهي الإشادات التي نشرت في حينها على موقع الوزارة، وفي الصحف المحلية، وتضمنها التقرير الوثائقي للمشروع في مجلد ضخم، مدعماً بالأرقام والإحصائيات الموثقة، وكذا التحدث عما أسماه بعضهم بالوعود التي تحققت على أرض الواقع بمنجزات ماثلة، فيما بعضها الآخر ينتظر تسهيل إجراءاته المتعلقة بجهات أخرى؛ إذ أكملت الوزارة ما عليها بشأنها وتتواصل بالمتابعة والتعقيب لإتمامها.
وأضاف المصدر بأنه بات مؤكداً بكل حياد أن وزارة العدل تقدمت تقنياً بشكل كبير، وحققت المرتبة الأولى على مستوى الشرق الأوسط في تقنية المحاكم، بشهادة مؤسسات دولية نشرت في وقتها، وتلقت وزارة العدل التهاني بشأنها، وإن كانت الوزارة لا تحبذ مطلقاً - حسبما صرحت به مرات عدة - أن تدخل في أي أسلوب من أساليب التنافسية من هذا القبيل؛ لأنها تؤمن بأن شهادة العمل المتميز هي ما يلمسه المواطن؛ إذ أصبحت الوكالات الإلكترونية في متناول الجميع، ورفع الدعوى الإلكترونية كذلك، وأصبح تدريب القضاة وكتّاب العدل يسير في مساره الصحيح وبشكل مكثف وغير مسبوق، وأصبح لدى وزارة العدل نحو مائتي مؤشر إحصائي يراقب حركة العمل العدلي على مدار الثانية. ومن الملموس أن بعض المحاكم قامت في خطوة نموذجية بالاستغناء عن الورق في دورة المعاملات وأرشفة حركة القضايا إلا فيما تتطلب الإجراءات الإبقاء على العنصر الورقي فيه، كما أنجزت وزارة العدل هندسة إجراءات محاكمها وكتابات عدلها في عمل كذلك غير مسبوق، وأرست عدداً من مشاريع بنيتها التحتية، ولا تزال تواصل البقية عند توافر أراضيها التي اشترطها مجلس الوزراء، خاصة في المدن الرئيسية، كما تواصلت وزارة العدل دولياً عبر حوار العدالة، بما رفعت فيه من خلال كفاءات عدد من منسوبيها من رصيد الصورة الذهنية لعدالة المملكة في مراكز القرار المؤثر دولياً؛ لتقطع الطريق على كل اختراق مغرض في هذا الشأن، وهو عمل تاريخي كبير ومشهود، كما أنها أكملت التراتيب اللازمة بعد التكامل مع مجلس القضاء الأعلى؛ إذ يتوقع أن يتم اختزال مواعيد جلسات التقاضي إلى أقل من شهر في مدن رئيسية كبرى خلال الأيام القريبة القادمة، بعد أن نفذت الوزارة ما وعدت به في هذا الشأن في محاكم أخرى، كما أحدثت التخصص النوعي داخل التخصص النوعي ذاته، وهو ما حصل في إيجاد دوائر للإنهاءات مستقلة عن المحكمة العامة، وعلى ضوء مقترح الوزارة صدر قرار من مجلس القضاء بإنشاء محاكم تنفيذ ومحاكم إنهائية، وتعمل العدل حالياً على طرح مقترحها بإنشاء محاكم استثمار.
وأكد المصدر أن وزارة العدل ماضية في تنقية أجواء مهنة المحاماة بموجب النظام، فلا يليق بهذه المهنة التي هي شقيقة القضاء في رسالة العدالة أن يتورط قلة من منسوبيها فيما يخالف أدبياتها وأخلاقياتها، وبما يسيء لبقية زملائهم حتى ولو كانوا قلة ونادرين جداً ولا يكاد يذكرون في أعداد المحامين الذين دخلوا في حيز الآلاف.
فيما قال المصدر إن مجموعة محامين يعتزمون خلال الأيام القادمة الكتابة لوزارة العدل بإيضاح قوي ضد تلك التصرفات، وأنها لا تمثل محامي المملكة ولا أخلاقياتهم، وأنهم لا يرضون بتوظيف المهنة لأهداف أخرى، وأنهم بريئون من أي تصرف سلبي مسيء للمهنة أخلاقياً وأدبياً، وأنهم ينؤون عن الاصطفاف السياسي والفكري أو نسج التقولات والتخرصات وتجاهل الحقائق باسم المهنة بما يخالف مبدأ استقلال المحاماة وحيادها التام، فهي كما سبق صنو القضاء ونظيره، أو أن تستغل أي حركة ذات إثارة بقصد الدعاية لمكتب المحاماة بما يخالف النظام الذي شدد على هذا التسلل غير المهني ولا الأخلاقي.
وعلم المصدر أن مسؤولي وزارة العدل التقوا في الأيام الماضية قيادات اللجنة الوطنية للمحامين الذين أكدوا أهمية احترام نظام المحاماة، والتقيد به، واحترم مرفق العدالة، ودعم رسالته، وعدم الدخول فيما يخل باستقلال المهنة وحيادها وموضوعية طرحها، وأن أي مخطئ يمثل نفسه ولا يمثل المهنة، مقدرين الجهود العدلية التي تقوم بها وزارة العدل، ومثمنين كذلك دعمها لمهنة المحاماة، ورعاية ملتقياتها وإشراكها في مهام ومناشط الوزارة الوطنية داخلياً وخارجياً، ودعم استقلالها ودعم صدور نظام هيئتها المرتقبة، كما أن وزارات العدل في بعض الدول الأوروبية تبسط رقابتها على حسن سير مهنة المحاماة والتأكد من عدم مخالفة منسوبيها للقانون وتحاسبهم عند التجاوز كما حصل في عدد من الحالات، بالرغم من وجود نقابات مهنية مستقلة، فوزارات العدل معنية بتطبيق النقابات المهنية للقانون.
من جهة أخرى، رفعت وزارة العدل ثلاث دعاوى قضائية ضد ثلاثة محامين سعوديين بسبب تغريدات لهم على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، تجاوزت أدبيات المهنة وأخلت بنظام المحاماة، كما تجاوزت حدود الطرح الموضوعي، وأساءت لسمعة مرفق العدالة بالارتجال، وقد حددت اللجنة الابتدائية المختصة بالنظر في مخالفات النشر الإلكتروني في الدعوى المرفوعة من الوزارة في الجانب المدني يوم الاثنين الموافق 15/ 1/ 1435هـ موعداً للجلسة، ومن حق أي محام الدفاع عنهم، فهذا مكفول نظاماً، ولهذه اللجنة ضمانات، ويرأسها قضاة سابقون في دوائرها الابتدائية ودائرة استئنافها، كما أنه من حق أي مواطن النقد الموضوعي والبناء والموثق ضد أي جهة تنفيذية وعدم الارتجال في ذلك، وقد أكدت وزارة العدل من خلال تصاريحها السابقة أن جزءاً من منظومة التطوير جاءت على خلفية الملاحظات والمقترحات، ومن بينها ملاحظات هادفة وبناءة من قِبل محامين قدموها لوزارة العدل.
وكانت بعض الجهات الحكومية قد رفعت عدداً من الدعاوى القضائية على المسيئين لها بارتجال عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي تنفيذاً للتوجيهات الكريمة المبلغة للجهات الحكومية عند حصول التقول وعدم المصداقية والقضاء يقول كلمته. وكان أحد أعضاء مجلس الشورى قد طالب في جلسة الاثنين الماضي المجلس بالدفاع عن أعضائه من خلال رفع دعاوى قضائية ضد المسيئين لهم في مواقع التواصل الاجتماعي.