أوضح خبير اقتصادي أن العمالة السائبة والمخالفة بالمملكة بنت لنفسها اقتصادا خفيا يعتمد على التستر التجاري، وتجارة الشنطة، والسوق السوداء لبعض السلع، وإنتاج سلع في معامل غير نظامية، وإدارة محال غير مسجلة، وتقديم أعمال الأجرة وعقود الباطن غير النظامية، حيث وصل حجم هذا الاقتصاد الخفي وفقا لإحصائيات الأمم المتحدة إلى 17%من حجم الناتج المحلي الذي يتجاوز تريليوني ريال (2727 مليار ريال ) عام 2012م بما يعادل 463 مليار ريال.
وقال بندر بن عبد العزيز الضبعان الاقتصادي والمستشار في إدارة الموارد البشرية لـ»الجزيرة»: هؤلاء المخالفون لم يكتفوا بممارسة التجارة غير القانونية ، بل «نهشوا» في الاقتصاد الوطني ، من خلال تزايد تحويلاتهم المالية إلى الخارج بما يفوق رواتبهم الشهرية. وأضاف: الكارثة أن العمالة الأجنبية كانت تنظر إلى المملكة على أنها محطة مؤقتة يتدربون فيها على كافة المهن إلى أن يتعلموا صنعة معينة ويعبرون إلى وجهات أخرى، لا سيما إلى الغرب، أي بعد أن يتدربوا على السعوديين وممتلكاتهم .
واستطرد قائلاً: أصبحنا خلال فترة من الزمن ‹›ورشة تدريب›› العالم، خاصة أن 85 % من العمالة الأجنبية لدينا عمالة أمية وجاهلة، وتفتقر إلى الحد الأدنى من المهارات، والمصيبة أن بعضها خريجي سجون أو نزلاء مصحات نفسية، في الوقت الذي نجد الشباب السعوديين يتخرجون بالآلاف من الجامعات ولايجدون فرص عمل، ويواجهون بشرط الخبرة.
وذكر الضبعان، أن الحملات التفتيشية ستنعكس بالإيجاب على الاقتصاد المحلي وسوق العمل بمرور الوقت، أبرزها إتاحة فرص عمل للسعوديين، لا سيما في قطاع التجزئة الذي تسيطر عليه العمالة الأجنبية. واستعرض الضبعان تجربته الشخصية قائلاً: ركبت سيارة أجرة «ليموزين»، واتضح أن السائق شاب سعودي، مما جعلني أشيد به وبتجربته، مشجعا إياه على عمله، فالعمل يحتاج إلى صبر وكفاح، ولا يوجد تحفظات على العمل طالما أنه شريف، ولكن العيب أن يظل الشاب عاطلاً في البيت يندب حظه ، ولو لم تكن الحملة التفتيشية قائمة وصارمة لما رأيت ذلك الشاب السعودي يطوف بسيارته أنحاء الرياض بحثا عن الرزق، بل إننا سنرى مثله قريبا في المتاجر والمصانع والمكاتب.
وتابع: أتوقع أن من الآثار الإيجابية لهذه الحملة تغيير ثقافة العمل في المملكة، ومعالجة العديد من حالات الخلل التي كان يشهدها سوق العمل لدينا، مما يؤدي إلى فتح فرص عمل للشباب السعودي. ودعا الضبعان وزارة العمل إلى أن تقوم بوضع ضوابط لاستقدام العمالة الأجنبية تعتمد على الجدارة والكفاءة وليس على معايير أخرى، وأن تبادر أيضاً إلى إنشاء موقع إلكتروني يضم قوائم سوداء وبيضاء للعمالة الأجنبية مصنفة حسب المهن، والمناطق داخل المملكة، مع إيضاح صورة العامل وبياناته على أن يتاح لكل مواطن تعامل مع هذا العامل أو ذاك أن يقيّم عمله ويوثق تجربته حفاظا على المجتمع، وكي لا يقع غيره ضحية عمل رديء أو احتيال أو مماطلة.
إلى ذلك أشار الاقتصادي حسين شبكشي إلى تقلص حجم المعروض من الخدمات والسلع، متوقعاً ازدياد الأسعار والتكلفة نتيجة انخفاض المعروض. وقلل شبكشي من وجود آثار إيجابية على المدى القصير باستثناء انخفاض مبالغ التحويلات للخارج بنسبه أعداد من تم ترحيلهم من المملكة. مشيراً إلى أنه في المقابل وعلى المدى البعيد ستكون هناك خارطة توظيف ستستجد على البلاد بمهن جديدة وتكلفة مغايرة ، ستجبر المستثمرين على إعادة حساباتهم ، وهي مرحلة تصحيحية دقيقة ستنعكس على الإنتاجية والتكلفة والعوائد حتى تستقر الأمور.
ونوه شبكشي في ختام حديثه إلى أن الفرص الاستثمارية متاحة الآن للشباب بعد إغلاق الكثير من المحال التجارية التي كانت محتكرة للعمالة الوافدة وعليهم استغلاها .
يذكر أن فترة التصحيح التي أتاحتها وزارة العمل انتدت على مدار 7 أشهر أسفرت عن تجديد 3.8 مليون رخصة عمل و2,3 مليون تعديل مهنة و2,450 مليون خدمة منذ بداية الحملة وحتى نهايتها .