أكَّد عقاريون واقتصاديون بأن المقاولين رفعوا أسعارهم 40 في المئة على خلفية تصحيح أوضاع سوق العمل والعمالة وقالوا: إن القطاع دخل منعطفًا جديدًا، حيث بدأت تأثيرات «الحملة» تظهر عليه من حيث الأسعار التي ارتفعت بشكل ملحوظ، مؤكّدين أن المقاولات من أكثر القطاعات التي ستعاني من عملية تصحيح أوضاع العمالة المخالفة إذا لم يتم تفادي السلبيات وقال الاقتصادي خالد البواردي: إن هذه الحملة هي الحل الوحيد لإصلاح التشوه في سوق العمل والمتراكم عبر سنوات عديدة، مبينًا أن إيجابياتها كبيرة على اقتصاد البلد بتقليل المبالغ المحوّلة إلى الخارج وكذلك خلق فرص أعمال حرة للكثير من الشباب إذا ما تَمَّ استغلالها من قبل الشباب. وبالرغم من الإيجابيات إلا أن هناك سلبيات وإذا لم نتفاداها ستكون النتائج وخيمة ومنها توقف الكثير من المشروعات والمدارس والسبب في ذلك عدم توفير بديل سواء كان سعوديًّا أو غير سعودي لشغل هذه الوظائف والحل يكون في إعطاء من يستحقُّ عمالة في مثل هذه المشروعات حاجته وبطريقة نظامية بدل أن يلجأ إلى التستر. وأضاف: معظم المشروعات تعتمد على العمالة غير النظامية ولذلك الكثير من المشروعات ستتوقف، ويجب على وزارة العمل سد هذه الفجوة بتوفير بديل للمقاولين، وتأخر مثل هذه المشروعات سيؤثِّر على القطاع الصحي والسكني ويزيد من أزمة السكن وحتى التَّعليم حيث سيتوقف بناء المستشفيات والمدارس والمساكن.
وأضاف: الأسعار سترتفع بما لا يقل عن 50 في المئة إلى أن تقوم وزارة العمل بسد فجوة الطلب وإعاده التوازن في العرض والطلب للكثير من المهن.
وتابع: الملاحظ على هذه الحملة أن فيها عقوبات رادعة على المتستر ولكننا إلى الآن لم نسمع عقوبات في حق تجار التأشيرات والذين لا تتجاوز عقوبتهم عشر آلاف ريال.
من جهته قال العقاري عبد الله العتيبي: من أهم المشكلات التي ستواجه المقاولين نقص الأيدي العاملة خاصة للذين كانوا معتمدين على عمالة السوق الخارجي وهذا سيعطل عقودهم المبرمة مع الآخرين.
وأضاف: الانعكاسات على المدى الطويل إيجابيَّة سواء على الوطن أو المواطن.. اما من ناحية المدى القصير فهي مرهقة ماليًّا على الشركات والمؤسسات بحيث يتم دفع رسوم كثيرة مثل نقل الكفالة والتجديد وتغيير المهن دفعة واحدة خلال فترة وجيزة وهذا يؤثِّر كثيرًا على ميزانيات المؤسسات الصَّغيرة التي تعمل بالسوق، أما من الناحية التجاريَّة والاستثمارية فهي تُعدُّ فرصة كبيرة للمواطن (خاصة للعاطلين عن العمل) للدخول في مجال التجارة برؤوس أموال بسيطة ومن ثمَّ الانطلاق في الاستثمار وتنوعه.
وتوقع العتيبي تراجع المضاربات الوهمية جراء تصحيح سوق العمل مبينًا أن العرض والطلب سيكونان واقعيين وأكثر جدِّية وفي البداية سترتفع التكلفة لفترة معينة، ثمَّ تعاود بالنزول بعد اكتمال تصحيح جميع العمالة وهذا ربَّما يحتاج سنة من الآن.
إلى ذلك أكَّد العقاري عبدالرحمن العنقري أن قرار تنظيم سوق العمل قد تأخر كثيرًا حتَّى أصبحت معالجة هذه القضية بالغة التكلفة والضريبة، وما يزيد من صعوبة معالجتها ويقلل من فرص نجاحها هو اعتماد شريحة كبيرة من المجتمع في مصدر دخلها على حالة الفوضى السابقة في سوق العمل، ومن غير المعقول أن تطلب من شريحة كبيرة من المجتمع معالجة قضية معقدة تراكمت وتفاقمت على مدى 40 عامًا في فترة 6 أشهر فقط، وكان الأجدى أن تضع وزارة العمل خطة خمسية أو عشرية تعالج فيها قضية سوق العمل بالتدرج المنطقي وتراعي فيها قضية التضخم وارتفاع الأسعار.
وتابع: لا شكَّ أن حركة الركود العقاري ستستمر مع زيادة تكاليف العمالة وعدم توفر العمالة النظامية بشكل كافٍ، وسنسمع عن كثير من المشروعات المتوقفة سواء كانت حكومية أو خاصة بحجة نقص العمالة، ولكن الأمر الإيجابيّ المتوقع حصوله في الأشهر المقبلة هو نزول أسعار الأراضي لتوقف طلب المستثمرين عليها، ولكن العقارات المنتهية والجاهزة سترتفع لزيادة الطلب.
وأضاف: لم يمض سوى أيام قليلة على انتهاء المهلة التصحيحية ولاحظنا ارتفاعًا كبيرًا في أسعار المقاولين بنسبة تتجاوز الـ40 في المئة وحجتهم في ذلك عدم وجود العمالة النظامية وصعوبة إجراءات الحصول على العمالة النظامية، وبرأيي أن هذه الارتفاعات ممكن معالجتها إذا تَمَّ تسهيل آلية وشروط نقل الكفالة والاستقدام وتفعيل الخدمات الإلكترونية بشكل عملي للتطبيق وليس كما هو حاصل من خدمات إلكترونية ناقصة وغير مكتملة.