الحمد لله الذي علَّم بالقلم، علَّم الإنسانَ ما لم يعلَم. والصَّلاةُ والسَّلام على نبيِّنا محمدٍ، إمامِ المتَّقين، ورحمةِ اللهِ للعالمين، وعَلَى آلِه وصحْبه الغُرِّ الميَامِين، ومَن سار على هَديهم، وسَلَك سبيلَهم إلى يوم الدِّين.
إنَّ الجامعاتِ اليومَ تشهدُ سباقاً محموداً في إنشاء «الكراسي العلمية» ودعمِها.. ولا شكَّ أن هذه الكراسي - بما تقومُ به من دَورٍ رائدٍ في النهضةِ العلمية، والتنميةِ البشرية - يُعَوَّلُ كثيراً على مُخرجاتِها، وهي تُمثِّل - كذلك - صورةً صادقةً للتكامل بين جامعاتِ الدولة ومؤسساتها.
وقد كان للحسبة - وللهِِ الحمد - نصيبٌ وافِرٌ من هذا الاهتمام. ولا غَرو؛ فالحسبةُ من الولايات الرئيسة في الإسلام، بل إنَّ جميعَ الولاياتِ تُردُّ إليها، كما قرَّر ذلك ابنُ قيِّم الجُوزية - رحمه الله - كما أنَّها من خصائص خيريَّة هذه الأمة، وهو ما أخبر به اللهُ - تعالى - في قوله: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه...) آل عمران: 110.
ومن هنا كان إيجادُ كرسي «أبحاث المرأة وقضايا الحسبة»، الذي أُنشئ بالتعاون والشراكة بين الرئاسة العامة لهيئةِ الأمر بالمعروف والنَّهي عن المنكر، وجامعة حائل، التي تحتضن هذا الكرسي؛ ليكونَ أحد الروافد العلمية والتطويرية لأداء هذه الشعيرة العظيمة التي تميَّزت بها المملكةُ العربية السعودية على طول تاريخها.
ولا شك أن إنشاء مِثل هذه الكراسي يؤكد حرْص خادم الحرمين الشريفين، الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود (حفظه الله) على نَشْر العِلم، وتذليل سُبُله بكل مستطاع، وقد تشَّرفت عِدَّةُ كراسي بحثية بحَمْل اسمِه الكريم، ودعمِه الخاص، وهو أصدقُ برهانٍ على تعظيمِه شعائر الله، وتبنِّي الإسـلام عقيدةً ومنهجَ حياة، ومناصرته لقضايا الإسلام والمسلمين. فجزاه اللهُ خير الجزاء.
ويحمل هذا الكرسيُّ رسالةً خاصةً، تقومُ على: تعزيز البحث العلمي في مختلف مجالات الحِسبة المتعلِّقة بقضايا المرأة، وتطوير أداء القائمين على الحسبة؛ للتعامل الأمثل مع قضايا المرأة الاحتسابية كافة.
ويصْبُو الكرسيُّ من وراء هذه الرسالة إلى أهداف منها إبراز المكانة الرائدة التي حَظِيت بها المرأةُ في المملكة العربية السعودية, وإثراءُ المعرفة، والمشاركةُ في إنتاج البحوث العلمية في مجال المرأة وقضايا الحسبة, إلى جانب المحافظة على القِيم والسلوكيات الإيجابية، الموجودة لدى المرأة في المجتمع السعودي, والتعرف على الممارسات والظواهر السَّلبية المتعلقة بالمرأة، واقتراح الحُلول المناسبة لها, إضافة إلى تطوير أداء المحتسبين؛ للتعامل الأمثل مع قضايا الحسبة المتعلقة بالمرأة.
ولا يفوتني -في هذا المقام- أن أشكرُ اللهَ -تعالى- عَلَى ما أسبغ علينا من نِعَمٍ ظاهرةٍ وباطنة، كما يسرني أن أتقدم بخالص الشُّكر والتقدير لجامعة حائل، مُمثَّلةً في معالي مدير الجامعة أ.د. خليل بن إبراهيم البراهيم؛ على اهتمامه بالكرسي، ومتابعته لأعماله، وسَعيه الدَّؤوب نحو دَعْمِه، وتذليل السُّبُل المختلفة لإنجاح أنشطته.
واللهَ نسألُ أن يكون هذا الكرسيُّ إضافةً فاعلةً لمنظومة الكراسي العلمية بجامعاتنا السعودية، وسبباً في تحقيق وبقاءِ خيريَّة أُمَّتِنا الإسلامية.
ونسألُ اللهَ -جَلَّ وعلا- للجميعِ العِلمَ النَّافع، والعملَ الصَّالح.
وصلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك على نبيِّنا محمد، وعلى آلِه وصحبِه أجمعين.