شهدت ورشة عمل حول «شروط وضوابط تقديم التسهيلات الائتمانية والتمويل الميسر للمستثمرين السعوديين في إطار مبادرة الملك عبد الله بن عبد العزيز للاستثمار الزراعي في الخارج» التي نظمها صندوق الزراعة صباح أمس بمقر مجلس الغرف انسحاب عضو مجلس إدارة غرفة الرياض محمد الحمادي الذي حضر الاجتماع بصفته رئيساً للجنة الزراعية والأمن الغذائي بالغرفة.
وعلمت «الجزيرة» من مصادر داخل قاعة الاجتماع أن الحمادي أعلن الانسحاب بسبب سوء التنظيم وتهميش صغار المستثمرين وتوجيه الصندوق إلى الشركات الكبرى التي لا تحتاج إلى دعم مادي، معترضاً بأن الشروط التي وضعت يصعب على صغار المستثمرين تنفيذها بل وضعت تعجيزاً وإبعاداً لهم من السوق ولا تخدم أهداف الأمن الغذائي. وكان الحمادي حاضراً لورشة العمل بملفات تتضمن انتقادات واسعة للصندوق، حيث أشار إلى أن آليات الإقراض لا تناسب صغار المستثمرين - على حد تعبيره – بل كأنها مخصصة لكبار المستثمرين.
من جهته قال لـ«الجزيرة» مدير عام الصندوق الزراعي المهندس عبد الله العوين إن الصندوق الآن يفضل الشركات ذات الخبرة في التنمية الزراعية، والتي تمتلك القوة المالية الكافية، وقال: المزارع الصغير لا يستطيع أن يستثمر في الخارج، فالصندوق ما زال مستمرا في الإقراض الداخلي، وخصوصا المنتجات ذات الاستهلاك المائي المنخفض. وأوضح العوين أنه استناداً إلى قرار مجلس الوزراء الذي أناط بالصندوق تقديم تلك التسهيلات الائتمانية , اتخذ الصندوق عدداً من الإجراءات لتنفيذ المبادرة، ومنها المشاركة في اللجنة الدائمة لوضع الضوابط التنفيذية للمبادرة , والتعاقد مع مكتب استشاري لوضع الإطار العام لتنفيذ المبادرة من منظور اقتصادي يهدف إلى تعظيم العائد المتوقع من المبادرة , وتخفيض التكاليف اللازمة , مشيراً إلى أنه تم إعداد وتدريب الكوادر الوظيفية اللازمة , وإعداد النظم الآلية بدءاً من استقبال الطلبات على البوابة الإلكترونية للصندوق , وانتهاءً بمتابعة المشروع وسداد التسهيلات الممنوحة للمستثمرين , كما تمت دراسة الاحتياجات الحالية , والمتوقعة للسلع الواردة في المبادرة ( تسعة منتجات) وتقدير التكاليف الاستثمارية اللازمة لتأمين هذه السلع خلال فترة العشر السنوات القادمة لتغطية الاحتياجات من هذه السلع من خلال المبادرة مع الأخذ في الاعتبار معدلات النمو السكاني.
من جهته قال الرئيس التنفيذي للشركة السعودية للاستثمار الزراعي والإنتاج الحيواني «سالك» المهندس عبد الله الدبيخي إن الشركة لم تتلق أي عروض استثمارية في أي دولة وإنما يتم اختيار الدول المراد الاستثمار فيها من قبل مكتب مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي بالخارج فتم تكوين لجان من أربع وزارات هي: المالية والتجارة والزراعة والخارجية. وقامت اللجان بزيارة عدة دول وتم اختيار بعضها وذلك حسب مميزات نسبية وضعتها اللجنة مسبقا، ومنها أن تكون الدولة خصبة الأرض والمناخ مناسب ولديها فائض إنتاجي زراعي كبير، بالإضافة إلى انها يجب ان تكون مرتبطة بالمملكة بعلاقة ممتازة وتملك بنية تحتية جيدة , وأضاف أن دور شركة سالك هو المساهمة في توفير الأمن الغذائي للمملكة بالدرجة الأولى. وأضاف أنه تم البدء في الاستثمار في أوكرانيا من خلال تأسيس شركة «المزارعون المتحدون» بالشراكة مع شركة المراعي وشركة سقاف التابعة لمجموعة الراجحي، وتم الاستحواذ على شركة تعد من كبرى الشركات الزراعية في أوكرانيا. وفيما يتعلق بمشاركة صغار المستثمرين، أكد حرص «سالك» على المشاركة مع عموم المستثمرين، إلا أنه في الوقت الراهن تحرص في استثمارها على المشاركة مع المستوردين الكبار في المملكة، وتتطلع إلى ايجاد آلية لمشاركة صغار المستثمرين في المستقبل. وأشار إلى أن «سالك» تعتبر شركة حتى وإن كانت مملوكة للحكومة، إلا أنها تظل شركة تجارية تحكمها معايير عمل الشركات وتبحث عن الربحية.
بدوره قال لـ«الجزيرة» مستشار برنامج مبادرة الملك عبد الله للاستثمار الزراعي الدكتور توفيق السويلم: إن صندوق الزراعة عرض اليوم أمام صغار المستثمرين، الذين كانوا ينظرون إلى الفكرة بالقبول والتأييد والتشجيع ولكنهم وجدوا شروطاً بالنسبة لهم غير قابلة للتنفيذ، وتعتبر من وجهة نظرهم شروطا تعجيزية، فنتمنى أن تكون هناك مبادرات غير تقليدية في هذا المجال، كإنشاء شركات لمجموعة من المستثمرين والدخول بها في الاستثمار الدولي. ولفت السويلم أن صغار المستثمرين غير مؤهلين للاستثمار الزراعي بالخارج خلال المرحلة الحالية، مطالبا إياهم بتكثيف جهودهم والتركيز على الاستثمار الداخلي. فيما أكد عضو مجلس غرفة الرياض ماجد الغربي أنه في ظل الدعم الحكومي الكبير يجب على شركة «سالك» إنشاء شركات مع صغار المستثمرين وأن تقودهم إلى الخارج بخطى واثقة وتدريجية، مشددا على ضرورة أن تكون الشراكة خلال المرحلة القادمة مع شركات جديدة، يتم تأسيسها حتى يتم ضمان تنوع الشركات المستثمرة، والا يجري الاعتماد على أربع أو خمس شركات فقط، هي من تبحث «سالك» عن مشاركتها، فالزيادة في فتح الشركات يحقق معدلات عالية من التنافس وبالتالي انخفاض الأسعار، فضلا عن فرص العمل الكبيرة التي يوفرها، كما يمنح تأسيس مثل هذه الشركات قوة مالية تصب في عجلة الاقتصاد من خلال الاستثمار في الخارج، وتحقيق الهدف المنشود. وقد شهد اللقاء حالة من الانزعاج والغضب أبداها صغار المستثمرين الذين قالوا إن الشروط كانت قاسية جدا ومجحفة في حقهم، وأنها لم تكن ورشة عمل وإنما كانت لتوضيح قرارات تم البت فيها مسبقا دون الرجوع إلى المزارعين أو اللجان التي تمثلهم، مبينين أن ورش العمل تقوم في الأساس على طرح وتبادل الآراء ومن ثم التوصل إلى قرارات مُرضية.