من نعم الله العظيمة على أمة العرب في جزيرة العرب أن هيأ الله لها الإمامين محمد بن سعود ومحمد بن عبدالوهاب اللذين أشادا بناء دولة إسلامية لم يعهد لها مثيل قبل عصرهما بسنوات طويلة، فكانا رحمهما الله مجددي ذلك العصر علماً وجهاداً ودعوة إلى الإسلام النقي الخالص من الشبهات والمحدثات التي رانت على العقول والأفئدة قروناً عديدة وورث هذا الملك وهذه الدعوة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل مؤسس المملكة العربية السعودية الحديثة، فلم يحد عما كان عليه أسلافه من القول والعمل والاعتقاد في الديانة الإسلامية مع الأخذ بالأسباب العصرية التي باتت من الضرورات للمحافظة على الأمة ومكتسباتها ومن الوسائل الملحة للقيام بواجبها الإسلامي وتحقيق رسالتها السامية في نشر الإسلام والدعوة إليه ونصرة المسلمين في كل مكان.
وقد هيأ الله لشعب المملكة العربية السعودية، نعماً ثلاثاً كانت من أعظم الأسباب في سرعة البناء والنهضة والسبق الحضاري في ميادين كثيرة وهذه النعم الثلاث هي:
أولاً: وحدة العقيدة، فلا تفرق ولا اختلاف.
ثانياً: الوحدة السياسية تحت راية العقيدة الواحدة.
ثالثاً: الثروة النفطية الهائلة.
ولا زلنا نحن السعوديين ننعم بهذه النعم في ظل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الذي يتخذ من العقيدة الإسلامية دستوراً ومنهاجاً، هذا الملك الذي بعث في الشعب روح الشرف والنخوة وحملهم على التحلي بالمزايا الشريفة من الشجاعة والشهامة والأنفة من الذل ورفعهم إلى مكانة علياء من العزة.
ووطأ لهم سبل الراحة والرفاهة وتقدم بهم إلى كل وجه من وجوه الخير فرفع منار العلم والعلماء فتضاعف في عهده عدد الجامعات مرات عديدة وأقام المدن الصناعية الكبرى في مختلف مناطق المملكة.
وتضاعفت الميزانية العامة للدولة وخصص الجزء الأكبر منها للتعلم والبنى التحتية والمرافق الخدمية وهذا يعكس المحبة العظيمة التي يكنها خادم الحرمين لبلاده ولشعبه وسعيه المتواصل لجعلها في المكان اللائق بها كأمة عظيمة أرادها الله خير أمة أخرجت للناس.
لقد رفع المغفور له الملك عبدالعزيز -رحمه الله- بناء الملك على قواعد العدل، وأوقف الرعية على حدود الشريعة، وفاض قلبه وجوارحه بمحبة البلاد والشفقة على سكانها، وسار خلفاؤه من أبنائه على منهاجه الرشيد إلى يومنا هذا وليس ذلك بمستغرب لصدوره ممن له في الأمة أصل راسخ ووشيج بشد صلته بها فهم من الشعب والشعب منهم.
فلنحافظ جميعاً على هذا البناء الشامخ ولنستمسك بكل ما أوتينا من قوة بعقيدتنا وقيادتنا ووحدتنا السياسية وأن لا نتهاون في هذا الأمر، ولا يجوز بأي حال أن تكون الوقائع الدنيوية والحوادث الجزئية المعينة مهما كانت هي المعيار الذي تقاس به وتحاكم إليه هذه الإنجازات الفخمة والأصول العظيمة المتقدمة التي حققتها دولتنا وقيادتها الرشيدة فلا يجوز أن تحل الأوهام والشكوك محل الحقائق، فنحن أمة نقدر للعاملين أقدارهم ولا تستوي عندنا المصلحة والمفسدة ولا نقابل الإحسان بالجحود والنكران هذا هو شعب المملكة العربية السعودية الشعب العربي المسلم.