هناك شخصيات تعيش بيننا، وتضع بصماتها في الوسط الذي تعيش فيه، وتسجل حضورها القوي حتى حين غيابها، هذا الصنف من الناس يتعاطى الحياة بمفهوم ايجابي، لا يجعل المشكلات هي العنوان الأساسي للحياة، بل يجعل لحظات الصفاء والود والبحث عن حلول المشكلات هو الأصل.
هؤلاء يتمتعون بحسن الخلق، والتفاؤل والقلب الطيب، والسيرة العطرة، والصفات الجميلة التي تجعل كل من حولهم يشتاق إليهم وإذا غابوا افتقدوهم، وبهذا السلوك يكسبون حب الناس، ويتعايشون مع الآخرين من خلال نافذة تحمل الخير والابتسامة والمودة والرحمة والحرص على إسعاد الغير.
أمثال هؤلاء يشكل رحيلهم صدمة عنيفة للمجتمع، على الرغم من قناعة الجميع بأن الموت حق، والحياة دار فناء، والآخرة هي دار البقاء، وأن كل حي مصيره الرحيل إذا دنت ساعة رحيله، لكن النفوس الطيبة تنثر عبقها بين الخلائق، وتترك بصمتها وسيرتها وذكراها الجميلة وراءها في كل زمان ومكان.
لقد فقدنا رجلاً فاضلاً، وشخصية مهمة، حيث رحل عن دنيانا مع خواتيم العام الهجري 1434هـ الشيخ سعد بن سعود الصييفي، وقد وافته المنية يوم الجمعة 27-12-1434هـ، رحل عنا في هذا اليوم المبارك يوم عيد المسلمين الأسبوعي وترك وراءه حزنا عميقا، وأسى كبيرا، لا نستطيع مواجهته بضعفنا هذا وبشوقنا إليه وإحساسنا كأنه لم يجلس معنا كثيرا، وهو الذي كانت حياته كلها مليئة بالوفاء والكرم والأخلاق الحميدة وحب الناس والمروءة وحب الخير لكل الناس، كانت حياته مساحة زاخرة بالتعامل الإنساني والتعاون مع الجميع والحضور الفاعل في كل مناسبات الخير، والتفاعل الايجابي مع الحياة، مع الصغير والكبير، وقد ظلت هذه الأخلاق، وهذا السلوك يملأ حياتنا طيلة بقائه بيننا.
ابوسعود -رحمه الله- رجل صاحب مبادئ وقيم وأصول وصاحب قلب ابيض ونفس أبية يحمل في جنباته الروح الإنسانية بكل معانيها، ويتحلى بالرحمة والحب النبيل لكل الناس ويحمل في وجهه البشاشة والبشر والترحاب والتفاؤل والنظرة الواسعة للحياة، المليئة بالرجاء والأمل.
اشتهر سعد الصييفي -رحمه الله- بالتسامح والكرم الفياض، والخصال الحميدة التي يصعب حصرها في هذه المساحة المحدودة، كان يحب الخير لأهله وأبناء منطقته وللوطن أجمع، وكان متواضعا متواصلا مع الناس، مع البعيد قبل القريب، والقاصي قبل الداني، كان متفاعلا مع قضايا مجتمعه مساهما في حلها، واصلا لأرحامه، محبا لوطنه، ومعتزاً بولاة أمر هذه البلاد ومفتخراً بعلمائها وبتاريخها وتراثها الأصيل.
لقد عاش أبو سعود -رحمه الله- محبوباً من الناس، وغادر الحياة، والناس محزونون لفراقه، ولفقده، لأن رحيله خسارة لمجتمعه الذي عاش وسطه ولأهله ومعارفه وكل من عاش قريباً منه.
كان -رحمه الله- يشجع الشباب على البذل والعطاء وعلى كسب الوقت والنجاح والتميز في حياتهم، وعدم إضاعة الوقت والركض وراء السراب بل استثمار الوقت في كل ما هو مفيد ونافع.
رحم الله شيخنا سعد الصييفي، وأسكنه فسيح جناته، مع الصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا، وأنزل السكينة والصبر والسلوان على كل محبيه وكل من افتقده، وجعل كل ما بذل من كلمة طيبة أو ابتسامة أو مسامحة أو موقف جميل في موازين حسناته، وضاعف له الأجر والثواب، إنه سميع قريب مجيب.