Friday 08/11/2013 Issue 15016 الجمعة 04 محرم 1435 العدد

جائزة الصحافة العربية

في الذكاء قوة

حكاية كاتشيفية

من البرنامج التجريبي لرسوم الأطفال

ذات يوم، خرج ثلاثة رجال أشداء للصيد في غابة.. وهم: أوريزمك وساسورك وغليما خسيرتان. عندما وصلوا الغابة عرجوا على خربة نائية، لم يصلها أحد من قبلهم. كان المكان مليئاً بالحيوانات المتوحشة: الخراف الجبلية، الثيران البرية، الدببة والنمور الكاسرة. فهذه المرة لم يوفق الصيادون في رحلتهم، ولم يصطادوا شيئاً.

تجول الصيادون طول النهار، تعبوا كثيراً وأنهكهم الجوع.. فقالوا:

- لقد تأخرنا ولن نستطيع العودة في هذه الساعة المتأخرة من الليل. علينا اختيار مكان آمن والبقاء فيه للمبيت.

دققوا النظر بالأماكن من حولهم، فرأوا ألسنة الدخان تتصاعد إلى السماء من موقد بعيد. قال أوريزمك:

لنذهب إلى تلك النار فنتدفأ، وربما نجد شيئاً نأكله؛ فنقوي أنفسينا.

وصل الرجال الأشداء موقد النار، وكادوا يتجمدوا من شدة الرعب، حيث كان يجلس حول الموقد ثلاثة عمالقة بقامات تثير الهلع لدى من يراهم.. وكان كل واحد منهم بعين واحدة. وخلف العمالقة، كانت الأيائل المقتولة ملقاة على الأرض.. كانوا يقطعون منها اللحم، ويشوونه، وبنهم يأكلون.

عندما رأى الرجال الأشداء ذلك، دبّ الجزع في قلوبهم، لا يدرون كيف سيتصرفون.. كان عليهم الهروب بسرعة. غير أنهم تأخروا.. وعندما كشفهم العمالقة، أخفوا قلقهم واقتربوا من هؤلاء قائلين:

- طاب يومكم، أيها العمالقة! لقد حللنا عليكم ضيوفاً!

قال العمالقة بغبطةٍ:

- أدخلوا، أيها الصيادون من جيادكم. واجلسوا حول الموقد!

سنُضيّفكم ما دمتم ضيوفاً عندنا.

شووا لهم أسمن أيل وراحوا يطعمون الصيادين.

هدأ روعهم، وأكلوا حتى شبعوا ثم استلقوا فناموا.. وفي الصباح التالي، قال العمالقة:

- أتعلمون أيها الأصدقاء، أن لدينا نظاماً خاصاً في حياتنا ورثناه من القدم، إذا كنتم لا تعرفونه فاصغوا إلينا: علينا بتقديم الزاد لكل ضيف يأتي لزيارتنا، وأن يبقى عندنا مدة لا تقل عن ثلاثة أيام.

عليكم أن تخضعوا لنا في كل أمر، ويجب عليكم أن لا تخلوا بعادتنا. والذي يحاول منكم مغادرتنا قبل انتهاء المدة المحددة سيلقى حتفه في الحال.

فكر الأشداء:

- الحال مع هؤلاء سيئ، لن نستطيع التغلب عليهم، لن يكون بمقدورنا الصمود أمامهم، ثم أذعنوا لما هم فيه، وقالوا:

- نحن ضيوفكم، وأنتم أصحاب البيت.. سنفعل ما تأمروننا.

أعتنى العمالقة بزوارهم ليومين.. وفي اليوم الثالث، قالوا:

- حسب عاداتنا الحكيمة، يتوجب علينا تقديم الطعام لضيوفنا يومين.. والآن عليكم أن تضيفونا أنتم، أيها الأشداء! وأنتم لا تملكون سوى جيادكم الرديئة، سنبدأ بها، وبعد ذلك سيأتي الدور على أصحابها الحمقى!.

قال العمالقة ذلك وهجموا بشراهة عليها.. تسمّر الصياديون من هلعهم، بينما أجهز العمالقة على الجياد، وقالوا:

- والآن أما حان الأوان للتلذذ بطعم اللحوم البشرية؟.. سيظفر كل واحد منا بواحد منكم أيها الأشداء.

بهذه الكلمات انقضوا على أصغرهم سناً أمسكوا بـ(غليما خسيرتان) وراحوا يقيدونه ويشدونه إلى الأيائل الحية.

رأى الصيادون الموت بأعينهم.. لكن ما العمل؟..

كيف سيتصرفون حيال ذلك؟.. بدأ ساسورك يُعمل تفكيره ودهاءه قائلاً:

- أيها العمالقة الحكماء والموقرون! انتظروا قليلاً، لا تستعجلوا، ستفلحون بأكلنا! لقد جئناكم بمسألة هامة لم نتحدث فيها، لأننا كنا جزعين، ولم تسألونا عن سبب المجيء إليكم.

سألوا بفضول:

- ولأي سبب هام جئتم إلينا؟..

وأردفوا بلهجة آمرة:

- هيا تحدثوا عن هذا الأمر المهم لديكم!..

وهنا، شرع أوريزمك، أكبرهم سناً يقول:

- من زمن بعيد، يدب النزاع والخصام بيننا. ومن أجل أن نضع حداً لهذا الخصام، أرسلنا أهلنا إليكم لنستشيركم ونأخذ بنصحكم، لأنه معروف لدينا أنكم أكثر الناس على وجه الأرض حكمة ودراية. نرجوكم أن تعطوا جواباً على سؤالنا.

سأل العمالقة:

- وما هو هذا السؤال الذي تتنازعون حوله؟

قال أوريزمك:

- لم نستطع بأية وسيلة الإجابة على سؤالنا.. ما الأداة التي ظهرت قبل الأخرى، المطرقة، الإزميل أم كسارة الفحم.

لهذا السبب نتقاتل ونتنازع باستمرار.. سيدوم الشقاق بيننا طويلاً طالما لم نجد من يفتي لنا بالمسألة.

أمعن العمالة بالتفكير، لكن ليس طويلاً.

ابتسم أكبرهم سناً بخبثٍ وقال باهتمام:

- أنتم حمقى، وكذلك أهلكم الأشداء! بالطبع ظهرت المطرقة قبل الأدوات الأخرى!

نظر العملاق الثاني بغضب إلى الأول، وقال:

- أنا لست أقل منك حكمة! اصغوا أيها الأشداء، لما سأقول:

الأزميل هو أقدم الأدوات صنعاً.

لكن العملاق الثالث أراد أن يظهر نفسه، وصاح بأعلى صوته:

- بل أنا حكيم أكثر من الجميع.. لا المطرقة ولا الإزميل كانا الأقدم.

بل الكسارة هي التي سبقت الجميع.

نهر العملاق الأول قائلاً:

- لا.. ليست الكسارة أقدم بل المطرقة.

صاح العملاق الثاني:

-كلا.. ليست المطرقة وإنما الإزميل!..

وزعق الثالث:

-كلا.. لا الإزميل ولا المطرقة وإنما الكسارة!.

تصايح وتنازع ثلاثتهم، وتطور النزاع بينهم، لوحوا بأياديهم مهددين، سدّدوا لبعضهم البعض اللكمات وخبطوا الأرض بأقدامهم حنقاً وغضباً.

وهكذا من شدة غضبهم غفلوا عن الأشداء، ونسوا كل شيء في الدنيا.. فقط سُمع صوتهم الأجش يردد:

- المطرقة!

- الإزميل!

- الكسارة!...

في حين فكّ الأشداء غليما خسيرتان وتواروا في الغابة الكثيفة.

وهكذا، استمر العمالقة بالخصام والنزاع فيما بينهم، نجح الأشداء في التخلص من شرهم والعودة إلى أهلهم ووطنهم.

وهذا يؤكد صحة ما يقال في الذكاء قوة.

*** ***

رسـوم

1 - يوسف فؤاد الحموري 9 سنوات

2 - ماريا محمد عميره 10 سنوات

3 - زيد عصام حماد 9 سنوات

4 - جميل رامي حدادين 10 سنوات

5 - ماريا موسى كامل 10 سنوات

6 - سامر رامي عزت 10 سنوات