منذ سنوات، وفي أحلك الأزمات التي هددت فيها الولايات المتحدة وإسرائيل بضرب إيران! كنت أراهن، ولا أزال، على أنه لن يتم ضرب إيران، فعلاقتها مع الغرب علاقة من نوع فريد وخاص، فهما عدوان في العلن، وصديقان، يتفاوضان بكل سلاسة تحت الطاولة، وفي الغرف المظلمة. ففي العلن، يسمي آيات الله، وحججه أمريكا بالشيطان الأكبر، ويبادلها الأمريكيون بنعتها بأنها دولة أشرار، تسعى إلى ضرب إسرائيل، وتدميرها!، وكان أفضل من لعب دور البطولة في هذه المسرحية السياسية الطويلة، ومتعددة الفصول شخصيتان، هما الرئيس الأمريكي السابق، جورج بوش الابن، والممثل المحترف، أحمدي نجاد، الذي كانت مسرحياته على منبر الأمم المتحدة تجذب الجمهور العربي كثيرا، فهو يهدد متوعدا برمي إسرائيل في البحر، ثم يتلقف جمهور الظواهر الصوتية العرب هذه التصريحات على محمل الجد، ويطيرون بها، كما فعلوا سابقا مع الكومبارس، حسن نصر الله، ومع الخليفة العثماني رجب طيب اردوغان، الذي رأى أحد إخوان السعودية رؤيا قبل أيام أنه سلم عليه، فيا له من محظوظ!.
إيران تجيد العمل السياسي باحترافية، وتعرف كيف تتعامل مع الغرب، وكيف تناور، وكيف تستخدم أوراق الضغط المناسبة، في الأوقات المناسبة، بل وكيف ترشح رؤساءها، ليتواءم ذلك مع المعطيات الدولية، ففي زمن الرئيس بوش الابن، اختار الولي الفقيه لرئاسة إيران ممثلا محترفا، اسمه أحمدي نجاد، وذلك ليواجه به جبروت، وعنجهية، وغلظة المحافظين الجدد، وقد قام نجاد بالدور المطلوب، وزيادة، وذلك على الرغم من أن إسرائيل لا تزال في مكانها!، ولم يتم رميها في البحر، ولا حتى في البر، بل لم يتم توجيه «رشاش ماء « كذلك الذي يلعب به الأطفال نحو إسرائيل!، فماذا حصل - يا ترى - بعد ذهاب المحافظين الجدد، وانحسار حدة التهديدات الأمريكية، والإسرائيلية بضرب إيران، وتدمير مفاعلاتها النووية؟!،
الذي حصل هو أن رجل السلام، الرئيس باراك أوباما تسنم زمام السلطة في الإمبراطورية الأمريكية، وفي هذه الحال فإن المناسب لدور البطولة الإيراني هو رئيس يفيض بالتسامح، ويتوق إلى السلام، ويتحدث بلغة دبلوماسية هادئة، ورزينة مثل الرئيس روحاني، الذي اختارته الجماهير الإيرانية، تماشيا مع رغبة المرشد الأكبر علي خامنئي!، وذلك ليقوم بالدور المنوط به، الذي يتناسب مع المرحلة الحالية، أي مرحلة السلام، التي يقود زمامها الرئيس الأمريكي، الديمقراطي باراك أوباما، فماذا يا ترى فعل الرئيس روحاني في نيويورك، وكيف تم استقباله هناك، أي في دولة الشيطان الأكبر ذاته ؟!، هذا ما سنتحدث عنه في مقال مستقل.
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2