|
الرياض - خاص الجزيرة:
أكَّد مدير المكتب التعاوني للدَّعوة والإرشاد وتوعية الجاليات بالسويدي بمدينة الرياض الشيخ عبدالرحمن بن عبد الله العجلان تزايد أعداد غير المسلمين الذين يدخلون الإسلام بعد معرفتهم بحقيقة الدين ومبادئه السمحة، حيث يرجع ذلك إلى سماحة الإسلام، مشيرًا إلى جهود المكاتب التعاونيَّة في هذا المجال، وبيَّن أن قلّة ترجمات معاني القرآن الكريم وعدم وجود الدعاة الثقات من أسباب عدم معرفة غير المسلمين بالإسلام، وفيما يلي نصّ الحوار مع الشيخ العجلان:
* بداية نأمل أن تحدثونا عن أبرز المنجزات التي حققها المكتب مؤخرًا؟
- إنجازات المكتب حتَّى المنتصف من عام 1434هـ كالتالي:
الكتب والمطويات بلغات مختلفة (60.000نسخة)، والمصاحف وتراجم معاني القرآن الكريم (4150 نسخة)، والكلمات والمحاضرات بلغات مختلفة (2000 كلمة)، والجولات الدعوية الميدانية للجاليات (400 جولة)، والداخلون في الإسلام (573 مسلم).
* يلحظ تزايد المقبلين على الدخول في الإسلام من العاملين في المملكة، فهل لكم دور مباشر في ذلك؟
- نعم يلحظ تزايد عدد الداخلين في الإسلام من العاملين في المملكة، ولا شكَّ أن هذا بسبب صحة هذا الدين وسماحته وعدله وشموليته وهيمنته على كافة الأديان التي نسخها الدين الإسلامي، ولذلك يقول الله تعالى: {إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللّهِ الإسلام} (19) سورة آل عمران، ويقول سبحانه: {وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} (85) سورة آل عمران، ولا شكَّ أن جهود مكاتب الدعوة وما يبذله إخواني الدعاة -بعد توفيق الله وهدايته- لها الأثر الإيجابيّ في دعوة غير المسلمين إلى الإسلام وتحسين صورة الإسلام المشوّهة، ولمكتبنا بعض الجهود الطيبة في ذلك تتمثل في دعوة غير المسلمين للدخول في الإسلام من خلال زيارتهم في مواقعهم ومقارهم وإهداءهم بعض الكتيبات والرسائل والأشرطة التي تشرح الدين الإسلامي وتبيّن محاسنه، واستقبال الراغب للدخول في الإسلام في مقر المكتب عن طريق شعبة الجاليات وتلقينه الشهادتين بعد شرح مفصل له عن محاسن الإسلام وفرائضه وواجباته، وتبصير المسلمين بأمور دينهم، وذلك من خلال إقامة البرامج الدعوية المختلفة سواء كانت باللُّغة العربيَّة أو بلغات الجاليات التي منها إقامة المحاضرات والدروس والكلمات في المساجد والجوامع لكبار العلماء وطلاب العلم والدعاة إلى الله تعالى، وإقامة الدروس والمحاضرات والكلمات داخل المكتب، وتزويد كل مسلم دخل في الإسلام حديثًا بالكتيبات والرسائل والمطويات المناسبة، وطباعة الكتيبات والرسائل والمطويات والأشرطة بلغات مختلفة وتوزيعها على مختلف الجاليات المسلمة وغير المسلمة، ونشر برامج وأنشطة المكتب المُتعدِّدة من المحاضرات والندوات والكلمات من خلال قنوات الإعلام المختلفة والإعلانات المطبوعة التي توزع في المساجد والمكتبات والأماكن العامَّة.
قلّة ترجمات معاني القرآن والكتب الدينيَّة لبعض الجاليات.. ما أسبابه؟
- قلّة ترجمة معاني القرآن والكتب الدينيَّة لبعض الجاليات، قد يكون بسبب عدم وجود الدعاة الثقات الأكفاء المؤهلين تأهيلاً شرعيًّا، الذين يوثق بعلمهم وترجمتهم، هذا هو السبب الرئيس تقريبًا، وتأتي في المرتبة الثانية نقص الإمكانات، ولكن ليست هي السبب الرئيس.
* تظل الحاجة الماسَّة إلى قيام المكاتب التعاونيَّة إلى التواصل مع المجتمع، وعمل برامج مكثفة كالتحذير من المخدرات والتدخين وغيرها.. فماذا تقولون؟
- نعم الحاجة ماسَّة للغاية إلى تواصل المكاتب التعاونيَّة مع المجتمع بشتَّى أطيافه، ولكن ما يتعلّق بالبرامج المكثفة لمكافحة التدخين وكذا المخدرات، فلا شكَّ أن لها جهاتها المختصة التي تقدم مثل هذه البرامج، كالإدارة العامَّة لمكافحة المخدرات، والعيادات المختصة للمساعدة على الإقلاع عن التدخين، وهما يقومان بدورهما حيال هذه البرامج المكثفة، ولكن كتوعية للمجتمع بأضرار المخدرات والتدخين من خلال عقد المحاضرات والكلمات وطباعة النشرات التوعوية بمخاطر المخدرات والتدخين، فللمكاتب بِشَكلٍّ عام ومكتبنا بِشَكلٍّ خاص جهود طيبة في ذلك ولله الحمد والمنَّة.
* ما المنهج المطلوب الذي ينبغي أن يتبعه الداعية في تقديم الحلول والعلاج المناسب للإسهام في معالجة مشكلات وقضايا المجتمع؟
- لا شكَّ أن أفضل منهج يستخدمه الداعية للإسهام في معالجة قضايا المجتمع، هو منهج النَّبيّ محمد صلَّى الله عليه وسلَّم في دعوته للناس، بالكلمة الطيبة والحكمة والرِّفق واللِّين والتسامح والتَّواضُع والبشاشة، وإظهار محاسن الدين الإسلامي، ولذا يقول الله: {ادْعُ إلى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (125) سورة النحل، وقال تعالى لخير دعاة الإسلام: {وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ} (159) سورة آل عمران.
ولا شكَّ أن مهارات الداعية وطرائقه الدعوية هي من أعظم الأسباب لنجاح دعوته وتأثيره على المتلقين والمستفيدين بل ومعرفته لحال المدعوين وما يناسبهم وما يصلح لهم وما لا يصلح هي من أقوى أساليب التأثير عليهم وهذه من أصول فقه الدعوة التي وجّه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم معاذًا إليها فحينما أرسله إلى اليمن قال له: يا معاذ إنك تأتي قومًا أهل كتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة إلا اله إلا الله وأن محمَّدًا رسول الله فإنَّ هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم زكاة تؤخذ من أغنيائهم وترد إلى فقراءهم... الحديث) فانظر كيف وجَّه الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم معاذًا رَضِي اللهُ عَنْه إلى مهارات الداعية الناجح في دعوته ولفت نظره إلى فهم فقه الأولويات في الدعوة إلى الله ومن أهم ذلك ما يلي:
1) أنَّه أخبره بنوعية الأرضية التي ستطؤها قدماه وينشر الدعوة فيها وهي ما عليه أهل اليمن من أنهَّم أهل كتاب أيّ لهم دين سابق ويقرؤون ويعلمون.
2) أمره بأن يبدأ دعوته لهم بالشهادتين اللتين لا يمكن الدخول إلى الإسلام إلا بهما.
3) التأكيد عليه بألا ينتقل من دعوتهم للصَّلاة إلا بعد أن يطيعوه في الشهادتين ويكونوا بذلك قد دخلوا في الإسلام من خلال ذلك وإلا فإنَّ صلاتهم لا تكون مقبولةً.
4) التأكيد عليه بألا ينتقل من دعوتهم للزكاة إلا بعد أن يطيعوه بإقامة الصَّلاة لأن الصَّلاة قرينة للزكاة فلو زكوا ولم يصلوا لم تقبل منهم زكاتهم مطلقًا.
ومن أجل أن نعالج القصور في طرائق بعض الدعاة في الدعوة إلى الله نقترح ما يلي:
1) ربط الدعاة بالعلماء الربانيين للنهل من معينهم الصافي والتتلمذ على أيديهم والتأثُّر بأفعالهم والتخلّق بأخلاقهم.
2) إلحاقهم بالدورات التدريبيَّة في مجال الدعوة إلى الله التي تنظمها مراكز دعوية متخصصة في معالجة القصور لدى بعض الدعاة سواء كان القصور في فن الحوار والمناقشة أو في طريقة عرض الموضوع والتمهيد له أو في فن الخطابة والإلقاء.
3) توزيع الكتب المتخصصة في فن الدعوة إلى الله على الدعاة وتدريسها لهم.
4) تكليفهم بكتابة البحوث العلميَّة المتخصصة في فن الدعوة إلى الله وأخلاق الداعية وصفاته وطريقته في دعوته.
5) استضافة المتخصصين في مجال الدعوة إلى الله في مقر المكتب والتقائهم بالدعاة وجعل ملتقيات شهرية لتعريفهم بالطرق العلميَّة المناسبة للإلقاء.
6) اطلاعهم على المناشط الدعوية المستجدّة في ساحة الدعوة ولو عبر الشبكة المعلوماتية في هذا المجال واستفادتهم منها.
* تشهد المكاتب التعاونيَّة إسلام كثير من الذكور والإناث من المقيمين في المملكة.. فما أغرب القصص التي شهدها المكتب لإسلام بعض المقيمين؟
- أبرز القصص والمواقف في ذلك، أنّه في أحد الأيَّام تلقينا في المكتب اتِّصالاً هاتفيًّا من أحد الأخوة في محافظة رماح يفيد أن لديه عشرة عمال من الجالية الصينية الذين يعملون في إحدى الشركات ومعهم مديرهم ويرغبون في التّعرُّف على الإسلام، فتم في تلك الليلة تجنيد المكتب والمُوظَّفين لانتظارهم، وما أن وصلوا للمكتب إلا واستقبلناهم بابتسامة وبحرارة، وأعددنا لهم وجبة عشاء، وبعد العشاء أردنا التَّحدُّث معهم ولكن واجهتنا مشكلة وهي أنهَّم لا يعرفون إلا لغتهم الصينية فقط، ولا يوجد لدينا بالمكتب مترجم صيني، ولكن تبيّن لنا بعد ذلك أن واحدًا منهم يعرف بعض مبادئ اللُّغة الإنجليزية، ويستطيع أن يترجم لهم من اللُّغة الإنجليزية إلى لغتهم الصينية ولكن ببطء، فتم التَّحدُّث معه باللُّغة الإنجليزية، وذلك بشرح مبادئ الإسلام ومحاسنه العظام، وتعريفهم به شيئًا فشيئًا، حتَّى فهموا الإسلام جيدًا، فما إلا لحظات وأعلنوا دخولهم في الإسلام جميعًا بقناعة تامة وعلى رأسهم مديرهم، وأشاروا إلى أن أكثر ما جذبهم للإسلام هو التكافل الاجتماعي الكبير بين المسلمين، والتعاون الذي يوليه المسلم لأخيه المسلم، وأنَّهم واحد وبلباس واحد، خاصة في عرفة، مما دفعهم بقوة المسلمين في الحجِّ في مكان واحد وفي وقت واحد وبلباس واحد، وهذا دفعهم بقوة للتَّعرف على هذا الدين الذي استطاع أن يجمع هؤلاء المسلمين في مكان واحد، وبعد ذلك بدأنا نشرح لهم كيفية أداء الصَّلاة والوضوء عمليًا وهم يشاهدون ذلك التطبيق الذي قدّمه لهم أحد المُوظَّفين، ومِنْ ثمَّ قاموا جميعًا وتوضؤوا للصلاة، ثمَّ صلوا معنا أول صلاة لهم وهي صلاة العشاء، بعد ذلك أجبنا على جميع أسئلتهم واستفساراتهم، وتَمَّ إهداؤهم ترجمة معاني القرآن الكريم باللُّغة الصينية ومجموعة من الكتب والنشرات الإسلامية باللُّغة الصينية أيْضًا، فلله الحمد والمنّة.
* ما أبرز المشروعات الوقفيّة التي أقمتموها، لتكون رافدًا قويًّا لدعم مسيرة المكتب؟
- حقيقةً هناك عزم وإصرار، لامتلاك وقف مناسب، ليغذي مشروعات المكتب ومناشطه الدعوية المُتعدِّدة، والبحث جارٍ في هذه الأيَّام عن وقف مناسب، تتوفر فيه الاشتراطات اللازمة والعائد الماديّ الجيد، وسيتم شراؤه قريبًا.
* ما مسؤولية الدعاة في تصحيح المفاهيم المغلوطة التي تثار ضد الإسلام والمسلمين؟
- لا شكَّ أن مسؤولية الدعاة كبيرة وعظيمة حيال تصحيح المفاهيم المغلوطة عن الإسلام والمسلمين، فهناك من يسعى لتشويه صورة الإسلام عند غير المسلمين، بل ويلصق به التهم والشبهة لصد كل من يتطلَّع إلى الدخول فيه، ووصفه بأنَّه دين الإرهاب، ودين القتل وسفك الدِّماء ولكن الله تعالى متم نوره ومعلي كلمته، بالرغم من أنَّوف الحاقدين قال تعالى: {يُرِيدُونَ ليطفئوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ} (8) سورة الصف، فواجب الدعاة في ذلك كبير ورسالتهم عظيمة، بأن يهبوا لتصحيح هذه المفاهيم المغلوطة، وإيضاح صورة الإسلام الحقيقية للناس، وذلك بإبراز محاسن هذا الدين، وسماحته وتحريمه للمكر والغدر ونهيه عن الكذب والزَّور والغش والتدليس والسباب واللعان والقذف، ومنح النَّاس حرياتهم وفق حدود الله، وكيف كفل الإسلام حق المرأة المسلمة، وحق الطفل وحق كبير السن، بل حق أعداء الإسلام وكيفية التَّعامل معهم.