تعال واسند كتفك على كتفي
وارو لي يا أيوب عن حكايات الصبر
تعال واقترب فأنا مثلك
لدي من حكاياته يفوق ما لديك
وأنا مثلك يا أيوب مترع بالخوف والصبر
يا سيد الصبر...
قدرك أتى بك في زمان غير زماننا
وأيام لا تشابه أيامنا
ومدن لا تشبه مدننا
وأحلام ليست كأحلامنا
ونساء لا يشبهن نساءنا
وأعلم أنك كنت تقف على بوابات الصبر في مساءاتك المعفَرة بالصديد
والصبر...
وأنك كنت تبصق في وجه الريح ثم تغلق أبوابك وتنام على وسائد من جريد
في زماننا يا صاحبي اختلف الصبر
صبرنا يا سيدي أمرَ وأصعب
حتى وإن نمنا على وسائد من حرير
صبرنا يا أيوب لا يفتك حواسنا ولا يؤذي جهاز مناعتنا...
صبرنا يا رفيق الصبر يجعلنا نرى ونسمع ونتحسس الأشياء حولنا
نسمع آهات المعدمين ...
نلمح فرحة اللقاء في عيون العاشقين...
ونسمع انصهار أنفاسنا في عناق شفاهنا
يا شيخ الصابرين
أقسى معاناة الصبر أن ترى الشمس تحتضن السماء
وتتجنبك...
أن ترى البحر يرفض السفن العابرة إلى موانئ الحياة
ويرفضك
وتأبى الريح منحك سمة عبور لمدن الفرح
ويغلق عليك الليل فضاءات النهار
ويفر الماء من الماء
وتغادر الليالي المساء
هذا حالنا مع الصبر يا صاحب الصبر
أزاح سيد الصبر كتفه عن كتفي وقال با متعاض...
يا صديقي هناك ثمة أشياء تتقاذفنا إلى متاهات لا يراها النهار
وغابات حناء لم تمسسها نار
فاصبر يا صاحبي وارتشف من ماء ذلك النهر
وتمتع من شميم ذلك العرار
ثنم استلق تحت ظلك في العراء
واكتب...
بأنك واقف هنا على بوابات الصبر
تخايل شرفات الأمل الذي لن يأتي أبداً
وأنك لا تزال ممسك في كفك بحفنة من تراب
قد تحثوها يوماً في وجه الغياب المستطاب
وستدرك حتماً يا صاحبي إنك لم يبرحك الصبر
وإن كل ما تراه سراب في سراب
“البستاني”