تحتاج الدول عادة إلى قرون لتبني حضارةً يعتد بها بين الأمم، لكن المتتبع لمسيرة المملكة العربية السعودية يجد أنها لم تكن بحاجة إلى سنوات طويلة لتتبوأ مكانة مهمة بين دول العالم على الصعد السياسية والاقتصادية، بالإضافة إلى مكانتها الدينية بين المسلمين في أنحاء العالم.
سنوات قليلة من المجاهدات والتضحيات كانت كافية لتحقق السعودية المعادلة الصعبة، فمن خلافات وتناحر إلى إجماع على كلمة واحدة ورأي سديد قاده الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود - رحمه الله – الذي تمكن في غضون أعوام قليلة من توحيد المملكة المترامية الأطراف تحت راية لا إله إلا الله محمد رسول الله.
وانطلق المؤسس بعدها يرسخ قواعد دولته الفتية مستمداً دستورها ومنهجها من القرآن والسنة، ويبدأ مرحلة البناء والتنظيم وتوطيد الأمن ورسم كيان الدولة، والنهوض بمستوى المواطن اقتصادياً من خلال إيجاد فرص العمل في القطاعين العام والخاص، ونشر المدارس الحديثة، واستقدام المدرسين، وإرسال البعثات لتلقي العلوم المختلفة التي تعود بالنفع على البلاد.
واقتفى أبناء الملك عبدالعزيز، الملوك سعود، وفيصل، وخالد، وفهد ـ رحمهم الله ـ وخادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - أثر والدهم المؤسس، وحملوا مسؤولية القيادة من بعده على طريق البناء والتقدم، وها نحن اليوم نعيش أياماً زاهرة بفضل جهود هذا الرجل المخلص وأبنائه البررة من بعده، إذ تحولت السعودية من أرض جرداء قاحلة إلى حدائق غناء، ومن مناطق ينهكها الخلاف إلى دولة قوية يهابها العالم أجمع، ومن مكان ينهشه الفقر إلى قوة اقتصادية ضاربة على مستوى العالم، والأهم من هذا كله أن السعوديين اليوم يتمتعون بمستوى عال من التعليم والصحة والحياة الاجتماعية والثقافية وهذا الذي يجعلهم قوة انطلاق نحو مستقبل مشرق.
ولا شك أن المملكة تعيش اليوم أوج نهضتها في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود - حفظه الله -، إذ حققت البلاد في عهده الميمون نهضة شاملة في مختلف المجالات، وحرص على دعم نهضتها الاجتماعية والاقتصادية عاماً بعد آخر، كما أن جميع المؤشرات تدل على أن الخير مستمر بإذن الله لينعم به جميع أبناء الوطن، إذ صدرت أضخم ميزانية في تاريخ المملكة العربية السعودية للعام 2013 وأصبحت المملكة رائدة التضامن الإسلامي، وحافظة الروابط العربية، وداعمة القضايا العادلة للأمتين العربية والإسلامية في المحافل الدولية، وتصدرت الدول في مساعدة المسلمين والمتضررين منهم، ومحاربة الظلم والتطرف.
والاحتفال باليوم الوطني يجسد المحبة والولاء والوفاء لهذا الوطن الكبير ولقيادته الرشيدة، ويعكس استمرار مسيرة العطاء والتنمية التي ينعم بها كل مواطن، ما يستوجب علينا كمواطنين الحفاظ على مكتسبات الوطن والولاء له ولقادته الذين يحرصون على راحة المواطن وبذل كل غال ونفيس من أجل تقدم البلاد والعباد.
وأسأل الله سبحانه وتعالى أن يديم على هذا الوطن عزه ورخاءه، وأن يحفظ قيادته الرشيدة وأن نحتفل بهذا اليوم عاماً بعد عام ونحن ننعم بنعمة الأمن والأمان والتنمية تحت ظل قيادة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وسمو النائب الثاني صاحب السمو الملكي الأمير مقرن بن عبد العزيز.
الجوف - محافظة دومة الجندل
salehalhajjaj@hotmail.com