إن كان إرضاء الناس مهمة مستحيلة لا يزال الكثير يختارها وينتهي به المطاف إلى انفصام تام بين قيمه وقيم المجتمع.. ليمارس نفسه سراً ويخلع قناعه مؤقتاً.. ويضع لنفسه مبررات وإن تعدّدت ألوانها وأنواعها إلا أنها تصب كلها في بحر الخوف من الرفض والنبذ.. فإن الأصعب من ذلك أن تكون فئة ما.. لتوجهها الديني.. أو مستواها الاجتماعي.. هي من تحدد ماذا يجب أن يكون.. وما لا يجب.. وتضع القوانين.. وتحدّد معايير مجتمع بأكمله.. كأنما تحوّلت المساحات المترامية.. والجموع الغفيرة إلى مؤسسة بيروقراطية يرأسها عقل واحد.. بمزاج واحد.. ورغبات محدَّدة.. تبدأ وتنتهي بجرة قلمه!
تنوّع رغبات الجماهير إن لم تؤخذ في حيز الاعتبار.. نفقد الكثير منهم في تسرّب مادي وبشري مهيب نحو الخارج.. بعيداً الوطن.. وأبلغ وضع يحكي الحال ما يحدث في كل مناسبة وطنية أو دينية أو اجتماعية يرافقها احتفال واحتفاء.. رغم أنها موسمية محدّدة التوقيت إلا أنها تعامل بمبدأ الطوارئ ذاته والذي يخاف من خروج الموقف عن الوضع الآمن كمن يلقي بطرفة وينتظر ضحكات مكتومة أو “ع الهزاز”.. تلك الحشود المتعطشة للفرح والترفيه.. بلا مكان يناسب ضخامتها.. وتنوّعها.. إنما فوضى ترصدها أجهزة الجمهور وتنشرها لتعيد التقييم وتأخذها مادة لتهكم المجالس وبكاء المنابر.. هكذا كل عام.. لا جديد يذكر.. ويمكنك أن تتوقّع نفس السيناريو والحوار ذاته! أليس هذا عبث محض.. أو قلة حيلة ليس لها مبرر؟
ولنقلها بصراحة.. لماذا نخاف ونهمش دور الفن رغم أن العروض متاحة في كل منزل؟ المسرح التمثيلي.. الغنائي.. السينما.. وو و إلخ.
لماذا لا يكون لدينا مسارح تلبي حاجة جمهورها.. وتحتضن الفنانين والفنانات السعوديين الذين احتوتهم أراض أخرى غير وطنهم.. وتقدّم رسالة تليق بنا وبهم؟ وتفتح قناة اقتصادية جديدة نفعها لأرضها وأهلها.. ليس من أجل أفراحنا الموسمية فقط.. إنما على مدار العام كله!
ما الذي سيحدث وممَ نخاف.. ولماذا نتوقّع الأسوأ.. ثقافة الفرح تحتاج مكاناً يستوعب طاقتها ويمنحها أهميتها.. وتنوّع البشر لا يناسبه الروتين القاتل.. وإلا خرج مشوّهاً وفوضوياً.
لنوجد المكان.. والزمان.. والأدوات.. ونترك الخيار للجمهور ليختار أيها شاء.. فالوطن للجميع وليس لأحد عن أحد.. أليس كذلك؟
amal.f33@hotmail.com