|
تهل علينا ذكرى اليوم الوطني كل عام كموسم سنوي يتكرر لحصاد المنجزات الشاملة في ربوع مملكتنا الحبيبة التي صار يوم إعلان تأسيسها عيدا ومناسبة للفرح.
وهذا العام يتعانق اليوم الوطني مع مرور 8 أعوام مجيدة منذ مبايعة سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز - حفظه الله - فقد امتدت مسيرة العطاء والإنجاز من لدن القائد الموحد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مرورا بأبنائه الملوك الميامين حتى وصلت إلى خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله فواصل العطاء والبناء بحدب الأب الرحيم على أبنائه وعم الخير في عهده الميمون كل أبناء الوطن.
ولكن ونحن في غمرة أفراحنا بمنجزات عام من عمر المملكة المديد ماذا علينا أن نتمثل وما هي الوقفة المطلوب منا أن نقفها أبناء المملكة مع أنفسنا ومع الوطن وأولياء أمره وهي وقفة أو وقفات تجعل من المناسبة فرصة للتأمل والمراجعة لا فرحة عابرة.
الوقفة الأولى مع التاريخ وهي لا بد أن نتذكر كيف كنا وكيف أصبحنا كيف كنا قبل قيام المملكة وتوحيدها قبائل متنافرة متناحرة لا يجمعها جامع تعيش شظف العيش وقسوة الحياة حتى منّ الله علينا بنعمة التوحيد التي امتن بها على أوائل هذه الأمة {وَاذْكُرُواْ نِعْمَةَ اللّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاء فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا} (103) سورة آل عمران، أجل كنا أعداء فأصبحنا بنعمة الله إخوانا ومن تمام شكر النعمة علينا ان نغرس في نفوس أبنائنا استشعار قيمة هذا المنجز العظيم وأهمية المحافظة عليه بصدق الانتماء والإخلاص بالولاء لهذا الوطن.
الوقفة الثانية بالطبع مع الإنجازات التي تتحقق على مختلف الأصعدة وفي شتى المجالات والميادين مما جعل المملكة مضرب الأمثال في التنمية وفي السياسة الحكيمة التي لا تثني المملكة من القيام بواجبها تجاه أمتها وقضايا العالم ولا تسمح لنفسها بالتدخل في شؤون الآخرين الأمر الذي أكسبها احتراما وبوأها مكانة دولية مرموقة ليس مبعث هذه المكانة قوة السلاح والتجبر لكن العقل والصدق واحترام الآخرين.
وبعيدا عن استعراض دور المملكة في إطار دول العشرين ومحافظتها الواعية على استقرار اقتصاد العالم المعتمد على النفط كطاقة حياتية يتوقف عليها نمو المجتمعات بعيدا عن كل ذلك نتوقف أمام التنمية المحلية المرتكزة على بناء الإنسان بالدرجة الأساسية لأنه هدف التنمية ووسيلتها معا ولذا اتجهت السياسة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين إلى بناء اقتصاد المعرفة الذي ينطلق أساسا من الاستثمار في الإنسان وإطلاق العقل المبدع فكان برنامج خادم الحرمين للابتعاث الخارجي مكملا لمؤسسات التعليم العملاقة والنموذجية من جامعات ومعاهد تعددت مستوياتها وامتدت لتشمل كل أرجاء الوطن.
ومن أوجه الاستثمار في الإنسان الصحة ويشهد العالم بمدى التطور الذي وصلت إليه المنشآت الصحية في المملكة وخدماتها المعتمدة أساساً على الكفاءات الوطنية السعودية من الأطباء والطبيبات الذين طبقت شهرتهم الآفاق وحققوا إنجازات عالمية تضاف إلى سجل العطاء الإنساني البشري في هذا المجال.
ووقفة أخرى في يومنا الوطني مع الوضع الذي تعيشه مملكتنا في هذه المرحلة الحرجة التي شهد العالم فيه من حولنا انعدام الأمن والاستقرار ونشوب الحروب والاضطرابات الداخلية التي تعاني من ويلاتها عدد من البلدان العربية وغير العربية ونحن ننعم بأمن واستقرار عظيمين يجب علينا إزاؤهما حمد الله أولا على هذه النعمة ثم الوفاء والولاء والالتفاف حول قيادتنا الحكيمة التي حمت الوطن والمواطن عبر سياسات قائمة على العدل الذي هو أساس الملك في كل المجالات وهو أمر نعض عليه بالنواجذ ونعلم أبنائنا والأجيال من بعدنا كيف يحافظوا عليه ويحمونه، والسعيد من اعتبر بغيره.
ويطول بنا الحديث في هذا المجال بعظمة المناسبة ولا نملك إلا أن ندعو الله أن يحفظ على هذه البلاد أمنها واستقرار ويوفق ولاة أمرها إلى ما فيه الخير وإلى الأمام يا موطن الخير عزيزاً مهاباً.
محمد الحماد - رئيس مجلس إدارة مجموعة البيان القابضة