أثبت القرآن الكريم مبدأ حب المكان الذي يقيم فيه الإنسان ويتخذه محلاً وسكناً يقيم فيه، خلال معادلة بين الوطن والحياة في قوله تعالى: {وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ أو اخْرُجُواْ مِن دِيَارِكُم مَّا فَعَلُوهُ إِلاَّ قَلِيلٌ مِّنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُواْ مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا} (66) سورة النساء.
وحب الوطن فطرة رفع من شأنها الإسلام، لذا اتفق الفقهاء على أن العدو إذا دخل دار الإسلام يكون قتاله فرض عين على كل مسلم، ويؤكد ذلك التقدير والتعظيم حنين الرسول - صلى الله عليه وسلم - عندما خرج من مكة المكرمة مكرهاً فقال بعد أن التفت إليها: (والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت).
إن حب الوطن مبدأ لا ينكره عقل ولا يرفضه لبيب، إنه انتماء فريد وإحساس راق وتضحية شريفة ووفاء كريم. له معان سامية ومظاهر صادقة لا تنحصر في يوم واحد، إنه شعورٌ بالفخر والاعتزاز للانتماء إلى هذا الكيانٍ الذي يعبر عن عقيدة الإنسان وقيمه، كيانٍ عاش فيه هو وأجداده وسيعيش فيه - بإذن الله - أبناؤه وأحفاده.
وجامعة المجمعة صرح وطني حديث، انضم إلى صروح وزارة التعليم العالي، بالموافقة السامية الصادرة بتاريخ 3/9/1430هـ، لتسهم مع باقي الجامعات والمؤسسات التعليمية في تحقيق الرقي العلمي والتعليمي والمجتمعي، وتحقيق الانتماء والحب الصادق للوطن، الذي يعد ركيزة جوهرية حساسة، تعتمد عليه الدول في المحافظة على سيادتها الخارجية وأمنها الداخلي، وعلى مكتسباتها ومقدراتها، ورعاية ممتلكاتها ومواردها، وتوفير الحياة الكريمة لمواطنيها. وقد رسمت الجامعة ذلك في خططها المستقبلية والسنوية والفصلية، ووضعته في برامجها وأنشطتها العملية والتطبيقية، ودأبت كلياتها وعماداتها على غرس وتحقيق حب الوطن في نفوس طلبة الجامعة.
حيث تقيم الجامعة برامج ومسابقات وأنشطة طلابية متنوعة لتعريف الطلبة بمناسبة اليوم الوطني، وبطولات ذلك القائد الفذ - الملك عبد العزيز - رحمه الله - الذي أسس هذه الدولة الرشيدة وأرسى دعائمها وثبت أمنها. وتشارك بطلابها في المناسبات والأنشطة والأسابيع والمعارض واللقاءات الوطنية. وتنمي الجامعة حب الوطن في نفوس الطلبة كذلك من خلال تنفيذ البرامج السياحية الداخلية، المتمثلة في رحلات طلابية إلى مدن ومحافظات وربوع هذا الوطن الجميل، تتضمن زيارات للمنشآت الوطنية والالتقاء بمسؤوليها، وتحقق من خلالها لحمة وطنية بين طلبة الجامعة مع بعضهم البعض ومع أبناء هذا الوطن.
كما تنمي الجامعة من خلال برامجها وسلوكياتها الإدارية في نفوس الطلبة احترام أنظمة الدولة وقوانينها والعمل بها وعدم مخالفتها، لأنها صادرة من ولي الأمر الذي تجب طاعته امتثالاً لأمر الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأمر مِنكُمْ..} (59) سورة النساء. ومن ذلك فتح جميع مسؤولي الجامعة أبوابهم لطلبة الجامعة، والتفاعل مع متطلباتهم والتغلب على المشكلات التي تواجههم. وتوفير جميع الخدمات الطلابية التي تسهم في رفع مستوى الحب لوطنهم وجامعتهم، وتحقيق مبدأ العدالة والشفافية في قبول الطلبة وتعليمهم والتعامل معهم، كما أن إدارة الجامعة تشرك نخبة طلابها وطالباتها في اللجان الدائمة على مستوى الجامعة، مما يحقق مستوى أعلى من التواصل مع الطلبة.
وإدراكاً من الجامعة بدور العامل الفكري في تكوين السلوك والوطني، وأن حبه يقتضي سلامة الفكر، فقد سعت إلى تحقيق مفهوم الأمن الوطني من خلال برامجها وأنشطتها المتنوعة، فأقامت الدورات التدريبية والمحاضرات التوعوية والمعارض المتنوعة التي تعزز الأمن الفكري، واستقطبت عددا من رجالات هذا الوطن للالتقاء بطلبة الجامعة. ووقعت عدداً من الاتفاقيات التي تسهم في تحقيق هذا الأمن.
أخيراً: إن جامعتي - جامعة المجمعة - كواحدة من جامعات هذا الوطن الغالي تغرس حب الوطن في نفوس طلبتها بشكل فاعل ومتواصل ومدروس، وتحقق الأمن الوطني بمفهومه الشامل، الذي يسعى له ولاة أمر هذه البلاد - حفظهم الله - وجميع مسؤولي الدولة، ويطمح له كل مواطن ومقيم يعيش على ثراء هذه البلاد المباركة وتحت سمائها.
د. حمد بن عبدالله القميزي - عميد شؤون الطلاب بجامعة المجمعة