|
الجزيرة - الرياض:
يعد الاقتصاد السعودي من أكبر اقتصاديات العالم في الوقت الحاضر... ومن مرتكزاته الأساسية الموانئ والتي أعطى قادة المملكة اهتمامهم الخاص بها ليقينهم بأن الموانئ هي شرايين الاقتصاد السعودي لتغذية البرامج والمشروعات الحيوية التي ينفذها القطاع العام والقطاع الخاص على حدا سواء - والدولة التي تمتلك سلسلة موانئ متكاملة بإمكانيات لوجستية عاليه ستمتلك اقتصاداً قوياً متيناً يستطيع مواجهة أي تغيرات اقتصادية دولية. وإذ إن دور الموانئ السعودية جزء لا يتجزأ من دائرة الاهتمام للحركة الملاحية العالمية، فقد أعطت القيادة في لمملكة اهتماماً بالغاً في تطوير الموانئ وإنشاء موانئ جديدة عصرية تواكب التطور العالمي، فمنذ ثمان وثلاثين سنة مضت تم وضع الأسس التي قامت عليها الموانئ السعودية من خلال إنشاء المؤسسة العامة للموانئ، وقد استندت هذه الأسس إلى روح الابتكار، وتحقيق القيمة المستدامة عبر العمل على النمو العالمي والخدمة والتميز، وانطلاقاً من فلسفة عمل جوهرية قائمة على توفير خدمة استثنائية للمستفيدين من خدمات الموانئ مدفوعة بعوامل التميز والابتكار والربحية. ويظهر هذا جلياً من نصوص النظام الأساسي للمؤسسة العامة للموانئ، فقد تحولت من مرافئ متواضعة لشحن وتفريغ البضائع يقع على الدولة عبئ تشغيلها وإدارتها إلى مدن صناعية متكاملة تقدم جميع الخدمات اللوجستية، ويتسم العمل فيها بالدقة والانسيابية والتنظيم الرفيع المستوى؛ مما حدا بالدولة إلى أن تعطي أولوية الخصخصة للموانئ، فكانت أول قطاع يتم خصخصته في المملكة منذ أكثر من عشرين عاماً.
بذلت المؤسسة العامة للموانئ جهوداً خلال السنوات الماضية للنهوض بالموانئ السعودية كي تتمكن من مواجهة المنافسة القوية التي تواجهها من موانئ الدول المجاورة والموانئ الأخرى العالمية. ولقد شهدت الموانئ السعودية إنجازات عديدة خلال الفترة الماضية على صعيد الأداء والإنتاجية، واستطاعت بفضل الله تعالى أن تجد لها موقعاً متميزاً ووجوداً مستمراً على خريطة النقل البحري العالمي، والوقوف في مصاف الموانئ العالمية ذات السمعة الطيبة والأداء المشرف، وذلك بما يتناسب ومكانة المملكة العربية السعودية على المستويين الإقليمي والدولي. ويأتي في مقدمة هذه الإنجازات: إنفاق الدولة مبالغ بالمليارات على إنشاء البنية الأساسية، ودعم مشروعات التوسعة والتطوير لمواكبة التطورات والمستجدات في صناعة الموانئ والنقل البحري، ووضع الخطط الإستراتيجية للتطوير لتأتي مواكبة لحركة النمو الاقتصادي الكبير الذي تشهده المملكة مما أحدث نقلة نوعية في تركيبة الموانئ السعودية خلال السنوات الماضية، كبناء أرصفة ومحطات لمناولة البضائع، وموانئ جديدة، وخدمات مساندة، وتنفيذ العديد من مشروعات التطوير والتوسعة لتحسين البنية الأساسية من قنوات وأحواض بحرية وأرصفة وطرق ومنشآت وتوفير معدات حديثة وتطوير لآليات التشغيل، مما أسهم في تحقيق زيادة كبيرة في الطاقة الاستيعابية، ورفع مستوى الأداء والإنتاجية في جميع الموانئ وتعزيز قدراتها وكفاءتها التشغيلية ومكنها من تلبية متطلبات التنمية والنهضة الاقتصادية الشاملة التي شهدتها المملكة العربية السعودية خلال السنوات الماضية. ونظراً لما شهدته الموانئ السعودية من تطورات دراماتيكية خلال السنوات الماضية ما أدى بها للنهوض على المستويات كافة، وأن التطورات جاءت بعد تعاظم حجم صادرات المملكة إلى الخارج وبعد زيادة المدن الصناعية من جهة، وازدياد حركة التجارة البحرية العالمية وحاجتها إلى منافذ المملكة البحرية الإستراتيجية من جهة أخرى.
فلم يعد الدور الذي تقوم به الموانئ السعودية مقتصراً على مناولة البضائع فقط، فقد أصبحت المحرك الاقتصادي لكل القطاعات المنتجة والمستهلكة، وترتبط ارتباطاً مباشراً بجميع الأنشطة الاقتصادية والصناعية التي تقام في جميع مدن ومناطق المملكة... فالموانئ التجارية تؤدي دوراً محورياً في تيسير عمليات جلب السلع كافة والخدمات اللازمة لمتطلبات التنمية الاجتماعية والاقتصادية والصناعية. والموانئ الصناعية لها دور أساسي في دعم الصناعات الوطنية وفتح المجال أمامها للمنافسة الخارجية، من خلال قربها من مناطق الإنتاج وتسهيل عمليات تصدير الصناعات البتروكيماوية والسلع البترولية وتقديم الإعفاءات والتخفيضات المشجعة من تعرفه الموانئ. ويعد نجاح الموانئ السعودية في القيام بتلك الأدوار المتعددة والثقة في إمكانياتها وتجهيزاتها كان له الأثر في توجه الدولة نحو إقامة المدن الاقتصادية في العديد من مدن المملكة... كما أن هناك تنسيق بين المؤسسة العامة للموانئ والهيئة الملكية للجبيل وينبع لتوفير متطلبات الشركات الصناعية ومواكبة خططها التوسعية. وهذا نجاح يضاف إلى سلسلة من نجاحات المؤسسة العامة للموانئ والتي لم تتحقق إلى بتوفيق الله تعالى ثم بدعم وتوجيه حكومة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين وسمو النائب الثاني -حفظهم الله جميعاً.
وتشير أحدث الإحصائيات إلى بلوغ عدد الأرصفة حالياً (208) رصيف، إضافة إلى (20) رصيفاً تحت التنفيذ و(4) أرصفة تحت الترسية موزعة على تسعة موانئ منها ستة تجارية وثلاثة موانئ صناعية تقع على الساحلين الشرقي والغربي، وهي: ميناء جدة الإسلامي وميناء الملك فهد الصناعي بينبع وميناء ينبع التجاري وميناء جازان وميناء ضباء على الساحل الغربي وميناء الملك عبدالعزيز بالدمام وميناء الملك فهد الصناعي بالجبيل وميناء الجبيل التجاري وميناء رأس الخير على الساحل الشرقي. وقد جهزت هذه الأرصفة بأحدث ما وصلت إليه التقنية الحديثة في عالم الموانئ، وتقوم باستقبال جميع أنواع وأحجام السفن، ولديها القدرة لمناولة جميع أنواع المواد والبضائع مثل المنتجات البتروكيماوية والصناعية والبترولية المكررة وبضائع المسافنة والترانزيت وإعادة التصدير، والمواد الغذائية والبضائع الاستهلاكية ومواد البناء والمواد الخام. كما بلغت إجمالي الطاقة الاستيعابية لجميع الموانئ في نهاية عام 2012م (471.480.000 طن وزني) و(11.000.000 حاوية قياسية)، وقد بلغ أجمالي البضائع المناولة لعام 2012م (188) مليون طن، كما بلغت آخر إيرادات حققتها الموانئ (4.031 مليون ريال) في نهاية عام 2012م بفائض قدره (1.827 مليون ريال). وتعكف الموانئ حالياً على وضع إستراتيجية متكاملة للموانئ وتحديد رؤيتها ورسالتها للسنوات القادمة، وتحديد دورها ضمن إطار الخطة الوطنية للنقل العام في المملكة. ولأهمية هذا الأمر قامت الموانئ بوضع خطط رئيسة للتطوير لكل ميناء، بهدف التوسع في الطاقة الاستيعابية للموانئ لمواجهة الطلب المتزايد لخدماتها.
وتمثل الموانئ السعودية أهمية قصوى للصناعات الوطنية، فهي الجسر الممتد نحو العالم لتصدير المنتجات الصناعية والسلع التجارية لشتى الأقطار على الكرة الأرضية، وذلك نظراً لما يتوفر في الموانئ السعودية من بنى تحتية ومعدات مناولة ونظم تبادل معلومات، وقوى عاملة مؤهلة ومدربة لتسهيل عمليات الاستيراد والتصدير ومقابلة احتياجات الصناعات الوطنية للتصدير إلى جانب تلقي المواد الخام الواردة لتدويرها عبر الصناعات التحويلية كمنتجات مرة أخرى.كما تقدم الموانئ السعودية دعماً للصادرات الصناعية والسلع البترولية عن طريق الإعفاءات من رسوم الموانئ أو خفضها، وكذلك يتوفر بالموانئ السعودية مناطق للإيداع وإعادة التصدير لدعم برامج الصادرات السعودية.
وتوفر الموانئ السعودية جميع التجهيزات اللازمة لمقابلة احتياجات الصناعات التحويلية سواء كانت مواد خام يتم تدويرها وإعادة تصنيعها، أو صناعات ترتبط بالمواد الغذائية، ومن بين هذه التجهيزات:
مصافٍ لتكرير السكر وأخرى لزيوت الطعام وصوامع للأرز والحبوب السائبة ومرافق لاستيراد المثقلات وخام الحديد ومرافق لمناولة الكبريت، واليوريا، والبتروكيماويات إضافة إلى ساحات وصهاريج للتخزين والخدمات اللوجيستية المساندة.
حرصت المؤسسة العامة للموانئ على تهيئة المناخ أمام القطاع الخاص للاستثمار في مشروعات وأنشطة خدمية مساندة سواء داخل الميناء أو في المناطق المحيطة به تكتسب صبغة تجارية وتحقق عوائد مجدية... ومن أهم الخدمات اللوجيستية التي تقدم في موانئ المملكة:
1 - مناطق لإعادة التصدير.
2 - مساحات تخزين مكشوفة ومسقوفة.
3 - توفير خدمات التزود بالوقود.
4 - خدمات تموين الزيوت والشحوم.
5 - خدمات التموين بالمياه والمواد الغذائية.
6 - مستودعات قريبة من المدن.
7 - خدمات بنكية متنوعة.
وكذلك تم تخصيص مواقع قريبة لوكلاء السفن وتخصيص مواقع قريبة للتخليص الجمركي وتوفير خدمات الاتصالات الحديثة وتوفير وسائل نقل مناسبة وطرق ممهدة وتوفير محطات للأوزان وأماكن الانتظار للمراجعين ومواقف للشاحنات والسيارات، وكذلك الخدمات السياحية والترفيهية.
كما يتوفر بالموانئ السعودية مجمعات متخصصة لبناء وإصلاح وصيانة السفن في كل من ميناء جدة الإسلامي وميناء الملك عبد العزيز بالدمام. وقد أنشأت إحدى الشركات الوطنية مجمعاً لبناء السفن في ميناء الملك عبدالعزيز بالدمام يعد الأول من نوعه في المملكة... وقد نجح المجمع في بناء 46 قطعة بحرية متخصصة ومتعددة الأغراض لفائدة الموانئ السعودية وشركة أرامكو وغيرها. وهناك خطط توسعية ليكون المجمع قادراً على بناء تسع سفن في الوقت نفسه. كما أقامت شركة سابك بإنشاء مشروع الدعم اللوجستي في ميناء الجبيل التجاري، يهدف هذا المشروع على نقل منتجات شركة سابك من البوليمرات والبولي أثلين والبروبيلين من المصانع إلى الميناء بطاقة سنوية تقدر بـ4.1 مليون طن، إذ إن المشروع صمم ليكون قادراً على استقبال (400) شاحنة يومياً، ويعمل المشروع على تصدير (557) إلى (1577) حاوية معبأة يومياً.