|
يصادف يوم الاثنين الأول من الميزان الموافق للسابع عشر من ذي القعدة من عام ألف وأربعمائة وأربعة وثلاثين للهجرة، الموافق للثالث والعشرين من سبتمبر، ذكرى عزيزة وغالية تحتل مكانة رفيعة لدى أبناء الشعب السعودي، ألا وهي ذكرى اليوم الوطني المجيد، الذي وحد فيه والدنا العظيم جلالة المغفور له بإذن الله تعالى الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ورجاله الأوفياء المخلصون هذه البلاد الطيبة، وكان ذلك في عام ألف وثلاثمائة وواحد وخمسين من الهجرة، المصادف لعام ألف وتسعمائة واثنين وثلاثين للميلاد. وحدها على كتاب الله وسنَّة نبيه المصطفى صلوات الله وسلامه عليه، وأرسى قواعد الأمن وقام بلم الشتات وتوحيد الكلمة ووحدة الصف ونبذ الخلافات والقضاء على كل ما يعكر صفو المواطنين وراحتهم.
لقد كانت البلاد قبل توحيد الملك عبدالعزيز رحمة الله عليه تعج بالفوضى والفقر والسلب والنهب والقتال بين القبائل لا امن ولا راحة ولا استقرار حتى سخر الله لهذه الأرض الطيبة الملك عبدالعزيز الذي أسس دولة يشار إليها بالبنان، دولة أصبحت ذات سيادة ورأي وكلمة، دولة تعتبر عضوا مهما في الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية. لقد وفق الله سبحانه وتعالى جلالة الملك عبدالعزيز طيب الله ثراه بأن هيأ له الرجال المخلصين ورزقه بالثروات الغالية، كذلك رزقه الله الحكمة والشجاعة وسداد الرأي وحنكة القيادة. كما شرفه الله بخدمة بيت الله الحرام وضيوفه من حجاج ومعتمرين، كل هذا لأنه كان صادق النوايا والأفعال، أهدافه واضحة للعيان. طاعة الله أولاً ثم تطبيق شرعه أساس حكمه وهمه الأول والسعي لنشر الدين والعدل بين الناس وتوطيد العلاقة بينه وبين جيرانه وأشقائه العرب والمسلمين والتعاون معهم لكل ما فيه خدمة ونصرة الإسلام والمسلمين.
إن الملك عبدالعزيز لم يقتصر اهتمامه بوطنه وشعبه فقط بل كان حريصا على حل مشاكل إخوانه المسلمين في الدول الأخرى، فقد احتلت قضية الشعب الفلسطيني مكانة عظيمة لديه، فكان من المناصرين لهم والمناشدين بإيجاد دولة مستقلة لهم عاصمتها القدس. كذلك مد يد العون لهم ولغيرهم متى ما دعت الحاجة. إن ما نحن فيه من أمن وأمان ورغد عيش واستقرار وهناء وسعادة يعود فيه الفضل بالدرجة الأولى لله عزَّ وجل، ثم للوالد الباني المؤسس غفر الله له ولوالديه ورجاله الشجعان.
وفي عام ألف وثلاثمائة وثلاثة وسبعين للهجرة الموافق لعام ألف وتسعمائة واثنين وخمسين للميلاد توفي جلالة الملك عبدالعزيز، بعد أن أسس دولة شامخة تحمل اسم المملكة العربية السعودية، ثم خلفه أبناؤه الكرام الملوك: سعود وفيصل وخالد وفهد رحمهم الله جميعا الذين واصلوا مسيرة الخير والبناء والعطاء واتباع نهج والدهم العظيم بكل أمانة واقتدار، حتى عهدنا الحالي عهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود حفظه الله ورعاه وألبسه ثياب الصحة والعافية، الذي واصل المسيرة المباركة على خطى ونهج والده العظيم وإخوانه الكرام، فلله الحمد والمنة، نعيش في عهده المبارك بأمن وأمان وخيرات وتطور ملموس في كل المجالات، نشهده يوماً بعد يوم. ولعل المكارم الطيبة من مليكنا الغالي التي عودنا عليها رعاه الله خير شاهد على حرصه على أبنائه المواطنين وتوفير ما من شأنه سعادتهم ورفاهيتهم، كما أن الملك المفدى حريص جداً على إخوانه وأشقائه العرب والمسلمين وتقديم الرأي والمشورة وجمع كلمتهم ونبذ خلافاتهم وإرسال المساعدات الفورية لهم عند حاجتهم. وما دمنا نتحدث عن إنجازات الملك الغالي التي لا تعد ولا تحصى منذ توليه مقاليد الحكم في العام السادس والعشرين من شهر جمادى الآخرة للعام ألف وأربعمائة وستة وعشرين للهجرة فلن ننسى ولي عهده الذي كان بجانبه وحمل الحمل معه، صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبدالعزيز آل سعود، كذلك سمو النائب الثاني وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير نايف بن عبدالعزيز آل سعود، اللذان خدما الوطن والشعب والإسلام والمسلمين أفضل وأشرف خدمة وكانا نعما السند والعون لأخيهما الملك عبدالله.
وقد عوّضنا الله خيراً برجل همام محنك وفيّ مع إخوانه، نراه اليوم عضداً وسنداً لأخيه الملك عبدالله يحمل الهم والحمل معه، إنه سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع وفقه الله وأعانه.
إن اليوم الوطني يذكرنا بكفاح وملحمة وإنجاز المؤسس البطل ورجاله المخلصين، ويذكرنا أيضاً بالمجد التليد والحاضر المشرق الزاهر الذي نحن فيه اليوم. ويجعلنا نزداد تماسكاً ومحبة لقيادتنا، ويدفعنا إصرار وحماس وتفانٍ في بذل المزيد من الجهد لخدمة بلدنا والدفاع عنه. وهذا بطبيعة الحال ما يميزنا عن غيرنا كشعب سعودي يمتاز بالوفاء والأصالة وحفظ العهد. علاوة على ذلك فهو شيء قد ورثناه وكسبناه من آبائنا وأجدادنا وعلمناه لأبنائنا. سنظل بإذن الله على ذلك محافظين، وسيبقى الوطن بأعيننا وأمانة بأعناقنا حتى آخر قطرة من دمنا.
في الختام نسأل الله أن يديم أفراحنا وسعادتنا ورخاءنا وأمننا، ويغفر لوالدنا المؤسس الملك عبدالعزيز وأبنائه من بعده، ويحفظ قائدنا وحبيبنا سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود، وسمو ولي عهده الوفي سيدي صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز آل سعود، ويطيل بعمرهما ويوفقهما لما فيه خير الوطن والمواطن، ويحمي بلادنا من كل أذى وسوء، وكل عام والجميع بخير.