تأتي الملحمة التاريخية التي قادها مؤسس هذه البلاد المباركة كأحد أبرز الإنجازات التاريخية التي شهدها العصر الحديث.
هذه الملحمة التاريخية التي كتب لها النجاح منذ الوهلة الأولى كانت ترتكز على وضوح الرؤية، وصدق النية، وقوة العزيمة، فاستطاع المؤسس -رحمه الله- ومعه رجال حملو أرواحهم على أسنة سيوفهم إيمانًا برؤيته للإنجاز أكبر مشروع توحيدي حديث على أرض الجزيرة العربيَّة.
ولعلي أعرج باختصار على أبرز ملامح الإنجاز التي قام بها المؤسس -رحمه الله- وهي بناء هذه الوحدة السياسيَّة والحفاظ عليها، وقد سعى إلى تطويرها وإصلاحها في المجالات كافة. حتَّى استطاع بفضل الله عزَّ وجلَّ أن يضع الأساس لنظام إسلامي شديد الثبات والاستقرار مع التركيز على المسؤوليات وتحديد الصلاحيات فتكوَّنت الوزارات وظهرت المؤسسات وقامت الإدارات لمواجهة التطور، وأدخلت المخترعات الحديثة لأول مرة في شبه الجزيرة العربيَّة، فحلّت تدريجيًّا محل الوسائل التقليدية، وأقام -رحمه الله- القضاء على أساس من تحكيم الشريعة الإسلاميَّة في كلِّ الأمور، فأنشأ المحاكم على اختلاف أنواعها ودرجاتها، وأصدر الأنظمة التي تدعم هذه المحاكم وتبيّن وظائفها، وتحدّد اختصاصاتها وسلطاتها، كما حقق الملك عبد العزيز إنجازات كبيرة في مجال إقرار الأمن والمحافظة على النظام في الدَّوْلة لتوفير الراحة والاطمئنان للمواطنين والوافدين فضرب بيد من حديد على كلّ من تسوِّل له نفسه العبث بالأمن أو الإخلال بالنظام حتَّى أصبحت هذه البلاد مضرب الأمثال في جميع الأوساط الدوليَّة على استتاب الأمن والاستقرار.
مسيرة البناء والتنمية وعلى مدى خطط التنمية الخمسية، حققت السعوديَّة قفزات تنموية سريعة ونهضة حضارية شاملة، نقلتها من مرحلة الاقتصاد البدائي والبسيط (قبل اكتشاف النفط) إلى مرحلة البناء والإنماء السريع والتي تَمَّ خلالها تنفيذ العديد من مشروعات البنية التحتية والفوقية، التي اشتملت على شبكة طرق وموانئ ومطارات ومرافق عامه وخدمات أخرى متطورة، ساعدت المملكة على بناء قاعدة اقتصاديَّة قوية، أسهمت بفعالية في تنويع مصادر الدخل القومي، وتخفيف الاعتماد على النفط بقدر الإمكان كمصدر رئيس للإيرادات العامَّة للدولة.
وها هي مسيرة البناء والرخاء للدولة الفتية تتواصل في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز -أيَّده الله- وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن عبد العزيز وسمو النائب الثاني مقرن بن عبد العزيز -حفظهم الله- على نفس الخطى والمنهاج.
وإحدى أهم الركائز الأساسيَّة للحكم في المملكة العربيَّة السعوديَّة وإحدى أهم المميزات التي جعلت المملكة تتفرّد عن غيرها في مجال الحكم والإدارة، لاسيما أنَّه نظام نابع من عقيدة الإسلام السمحة، وهذا النظام ضمن بفضل الله أن تسير هذه الدَّوْلة المباركة بخطى ثابتة يعيش فيها الجميع بأمن وأمان، ويتحقق لكل مواطن ومقيم العدل في أزهى صورة.
(اللهم احفظ بلادنا من كل مكروه).
د. عبد الله بن أحمد المغلوث - عضو الجمعية السعودية للاقتصاد