قبل أيام، اطلعنا في مواقع التواصل الاجتماعي على صورة تدمي القلب، لطفل معنف، تم ربطه بحبل غليظ، وذلك بعد وجبة تعذيب مكتملة الأركان. وقد التُقطت هذه الصورة - على ما يبدو - بمحض المصادفة من قِبل فاعلة خير. ومن الملاحظ أن قضايا التعنيف قد زادت عن حدها خلال الفترة الأخيرة؛ فقد رأينا صوراً يندى لها جبين الإنسانية لأطفال معنفين، ولا يوجد أحقر من إنسان يعذب طفلاً؛ إذ لا يمكن لإنسان سوي أن يتخيل ذلك، ولكنه يحدث على أي حال. وتشير التقارير إلى أن السبب الرئيس لذلك هو منح الولاية لمن ليس أهلاً لها، وذلك بعد حدوث الطلاق، وقد قرأنا عن حالات عديدة حكم خلالها بعض القضاة بالولاية لآباء يفتقرون لكل معاني الإنسانية، بل إن بعضهم له سوابق بقضايا التعنيف! ومنهم من قد يكون مدمناً للمسكرات والمخدرات، أو مريضاً نفسياً للدرجة التي لا تمكنه من الاهتمام بنفسه، ناهيك عن أن يهتم بطفل يحتاج إلى رعاية خاصة. فحسب علمي، إن القاضي لا يستقصي أحياناً عن الحالة النفسية والسلوكية لمن يطلب الولاية! بل يعتمد بشكل أساس على المظهر الخارجي للشخص محل النظر!
لقد شارك كثيرون في الهاشتاق الذي أُسس لغرض التفاعل مع حالة الطفل المعنف، وقد كان لافتاً أن تقرأ الكثير مما لا يمكن تصديقه، فقد ذكر أحدهم أنه شاهد بنفسه أحد الآباء يعتدي على أطفاله بالضرب في أحد مراكز الشرطة، دون أن يمسه سوء، كما ذكر أحد المحامين أنه كان شاهداً على قضية في المحكمة؛ إذ اعتدى أحد الآباء بالصفع على اثنين من أبنائه أمام طليقته والقاضي، ومع ذلك تم الحكم له بالحضانة! والأسوأ من كل ذلك هو ما يتم بعد أن تثبت حالة التعنيف؛ فغالباً تكون الأحكام خفيفة، للدرجة التي تشعر معها بأن الطفل المعنف شريك في الجريمة! ومع إيماني التام بسلطة القانون إلا أنني من أشد المؤيدين للتعامل مع هذه الحالات الإجرامية بطريقة استثنائية؛ إذ حتى في الغرب - وهم أهل القانون - يتم أخذ الأطفال من صاحب الولاية بمجرد الشك بوجود تعنيف في المنزل! ولا تتم إعادة الأطفال إلا بعد انتفاء حالة الشك، وفي حال ثبوت التعنيف يكون العقاب مغلظاً على المجرم، إضافة إلى نزع الولاية مدى الحياة.
وبمناسبة الحديث عن التعنيف، وتفاعل المجتمع معه، فقد لفت نظري مشاركة على تويتر لأحد المفكرين!! وقد كنت أظن -حتى وقت قريب- أن حسابه ساخر، فقد قال هذا المفكر الجهبذ، الذي لم تُثر عنده صورة الطفل المعنف أي عاطفة، إن اهتمام وسائل الإعلام بقضية هذا الطفل المعنف هو محض مؤامرة؛ وذلك ليتم تطبيق فقرة في اتفاقية سيداو تتعلق بنزع الولاية! إذ إن صاحب الاختصاص - حسب هذا المفكر - قد تآمر مع والدة الطفل، ومع وسائل الإعلام، ومع مشتركي تويتر، وربما مع الصهيونية العالمية والماسونية؛ وذلك لتعذيب طفل، ومن ثم نشر ذلك لإثارة الرأي العام، ومن ثم مخاتلة الناس، ومباغتتهم بتطبيق فقرة من اتفاقية دولية!! فهل تستغربون عندما يحسدنا الأقربون قبل الأبعدين على مفكرينا الذين نفاخر بهم الأمم؟!!
وختاماً، أتمنى أن يتم تطبيق أقصى العقوبات وأقساها على معنفي الأطفال، دون رحمة، أو هوادة، وأظن أن كثيرين يتمنون ذلك!
ahmad.alfarraj@hotmail.comتويتر @alfarraj2