كثيرا ما يخطئ الناس في التفريق بين التواضع وصغر النفس، وبين الكبر وعلو الهمة، فيحسبون المتذلل المتملق الدنيء متواضعا، ويسمون الرجل إذا ترفع بنفسه عن الدنايا وعرف حقيقة منزلته من المجتمع الإنساني متكبرا، وما التواضع إلا الأدب، ولا الكبر إلا سوء الأدب، فالرجل الذي يلقاك متبسما متهللا، ويقبل عليك بوجهه ويصغي إليك إذا حدثته، ويزورك مهنئا ومعزيا، ليس صغير النفس كما يظنون، بل هو عظيمها؛ لأنه وجد التواضع أليق بعظمة نفسه فتواضع، والأدب أرفع لشأنه فتأدب.
«المنفلوطي»