إن كان ثمة معضلة تشغل بال المواطنين وتثير تساؤلات الكثير منهم فهي قدرات الجهاز التنفيذي الحكومي على محاكات تطلعاتهم والتعايش مع متطلبات العصر. لا اعتقد أن لدينا مشكلة في المملكة تُضَاهي مشكلة التنفيذ ووضع الخطط والبرامج والمشروعات على أرض الواقع وتقديم الخدمات العامَّة بالجودة والسرعة والتكلفة المناسبة. فالحقيقة التي لا تخفى على عاقل أن كل عناصر الإنتاج المعروفة عند أهل الإدارة والاقتصاد (المال والأرض والقوى البشرية) متوافرة لدينا وبشكل ربَّما يفوق الحاجة الآنية. هذا فضلاً عن وضوح التوجُّهات والأهداف وصدورها من القيادة ووجود الرغبة والقرار اللازم للبناء والتنمية. وتأكيد قيادة هذا البلد الكريم على أهمية سرعة الإنجاز وتقديم الخدمات العامَّة بشكل جيّد وسريع.
ولعلّي هنا أؤكد على بعد آخر من متطلبات الإنتاج والتنمية وهو توافر كم هائل من الإستراتيجيات والدراسات والأبحاث التي تغص بها مكاتبنا التي لم تُعدُّ تستهوي أو تجذب أفئدة كثير من المواطنين نظرًا لأنهم سئموا من ترديدها والإشارة إليها من قبل المسئولين التنفيذيين دون تنفيذها وكأني بهم يقولون: نسمع جعجعة ولا نرى طحنًا.
إعادة هيكلة الجهاز التنفيذي ضرورة لا خيار
أعتقد أن إعادة النظر في الآلية التنفيذية للجهاز الحكومي أضحت ضرورة لا خيارًا ويجب أن تحتلَّ أولوية متقدِّمة في قائمة اهتماماتنا وهمومنا الوطنيَّة وبرامج التنمية لدينا.
المتتبع لأداء معظم الأجهزة التنفيذية لدينا يلاحظ أنها تقع في أحد طرفي الأداء. إما تخطيط من دون تنفيذ أو تنفيذ من دون خطط، وكلاهما مرّ.
يقول خبراء الإدارة: إنّه إذا كان التخطيط من دون تنفيذ مُجرَّد حلم فإنَّ التنفيذ من دون تخطيط كابوس.
A plan without action is a dream while action without a plan is a nightmare
ونحن بالتأكيد لا نريد حلمًا ولا كابوسًا.
عند زيارتي لكلية الإدارة في جامعة ساوث وسترن متشجن وهي ثاني أقوى كلية للإدارة في العالم بعد هارفارد، ذكر لي عميد الكلية أن برامج الماجستير لديهم ركزت في الآونة الأخيرة على الإدارة التنفيذية وعلى تعزيز مهارات التنفيذ لدى المديرين التنفيذيين باعتبار أن التنفيذ أصبح من أهم تحدِّيات العصر. فإذا كان التنفيذ يمثِّل همًّا عالميًّا فهو بالنسبة لنا قضية جوهرية وأساسيَّة.
حان الوقت لتخرج أجهزتنا التنفيذية من التنظير إلى العمل، حان الوقت لنقيس مستوى التنمية لدينا ومستوى أداء أجهزتنا بمستوى إنجازاتها الملموسة وجودة خدماتها لا بخططها ومبادراتها المكتوبة فقط. حان الوقت لتقييم أداء أجهزتنا التنفيذية والقائمين عليها من خلال ما تَمَّ تحقيقه بالفعل من إنجازات مقارنة بما تَمَّ وضعه من أهداف أيّ (مقارنة المنجز بالمستهدف).
الكل - القيادة والمواطنون- يريد نتائج ملموسة وخدمات تعكس ما اعتمد من ميزانيات وتحاكي الطموحات.
فهل إلى ذلك من سبيل؟
@falsultan11