|
صنعاء -الجزيرة - عبدالمنعم الجابري:
تصاعدت حدة الخلافات السياسيَّة في اليمن، لتصل إلى درجة باتت تُهدِّد عملية التسوية السياسيَّة ومسيرة الحوار الوطني، الذي يوشك على الانتهاء. ويسود الساحة اليمنية حالة من الترقب جراء تصاعد الخلافات بين الأطراف السياسيَّة الموقعة على المبادرة الخليجيَّة وآليتها التنفيذية، حيث رفض حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتزعمه الرئيس السابق علي عبد الله صالح التوقيع على وثيقة (مشروع مسودة مخرجات الحوار) التي أعلنتها (لجنة الـ16) وهي اللجنة المصغرة للحلول والضمانات في فريق القضية الجنوبيَّة بمؤتمر الحوار الوطني.
وأعلن أعضاء اللجنة العامَّة «أعلى هيئة قياديّة» لحزب المؤتمر الشعبي، في اجتماع لهم مساء الثلاثاء رفض مسودة وثيقة لجنة الـ»16»، معتبرين أنها تمس الوحدة اليمنية. غير أن اللجنة العامَّة لحزب المؤتمر شكَّلت خلال اجتماعها لجنة مصغرة لدراسة مسودة الوثيقة وإعداد رؤية للبدائل المقترحة، التي تضمن حلاً عادلاً للقضية الجنوبيَّة وإنجاح مؤتمر الحوار وتحافظ على الوحدة اليمنية، وتقديم تقرير نهائي اليوم الخميس. فيما اعتذرت اللجنة العامَّة لحزب المؤتمر الشعبي اليمني، عن استقبال جمال بن عمر، مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، حتَّى يتم الانتهاء من إعداد رؤية «الحزب» الخاصَّة بمعالجة القضية الجنوبيَّة وفيدرالية الأقاليم.
وجدد حزب «المؤتمر» التمسُّك بالحفاظ على وحدة اليمن وعدم المساس بها والالتزام بالمبادرة الخليجيَّة وآليتها التنفيذية التي تؤكِّد على وحدة اليمن وأمنه واستقراره. كما أكَّد المؤتمر الشعبي وحلفائه «أحزاب التحالف الوطني» رفضهم لمبدأ التفاوض الشطري كشمال وجنوب.. مطالبين بأن تكون مخرجات مؤتمر الحوار الوطني ملتزمة بالآلية واللوائح المنظمة لعمل مؤتمر الحوار.
في تلك الأثناء، دعا المبعوث الخاص للأمم المتحدة جمال بن عمر اليمنيين، إلى التوافق بسرعة على القضايا العالقة في الحوار الوطني الذي يفترض أن يفضي إلى اعتماد صيغة اتحادية جديدة للدولة اليمنية. وأشار ابن عمر إلى أنّه ما زالت هناك قضايا عالقة وتحتاج لبذل جهود مكثفة للتوافق والتوافق حولها.
وقال المبعوث الأممي إلى اليمن: إن الاتجاه العام في مؤتمر الحوار يناقش آلية الاتفاق على موضوع الأقاليم وعددها وتوزيعها وكذلك الترتيبات للمرحلة التأسيسية. وفي غضون ذلك، طرحت أوساط سياسيَّة رؤية جديدة للتقسيم الفيدرالي لليمن، من أجل الخروج من مأزق الاعتراض والخوف على الوحدة اليمنية، بعد اعتراض قوى سياسيَّة على الفيدرالية من إقليمين. ويتَضمَّن مشروع مسودة مخرجات الحوار، التي أعدتها لجنة الـ»16»، خمسة محاور رئيسة: الأول: يتعلّق بمعالجة مظالم الماضي؛ ويؤكد على الالتزام بحلّ القضية الجنوبيَّة حلاً عادلاً يحفظ أمن واستقرار اليمن الموحّد على أساس اتحادي وديموقراطي، عبر وضع هيكل جديد وعقد اجتماعي جديد للدولة يلبّيان تطلعات جميع اليمنيين، وبحيث يتم معالجة كافة المظالم وفق جدول زمني يحدِّد في وثيقة مخرجات الحوار الوطني الشامل، والعمل على إرساء أسس دولة يمنية جديدة، ذات صفة اتحادية، مبنية على الإرادة الشعبية وضمان حرية جميع أبناء شعبها ورفاههم، فيما يتعلّق بالمحور الثاني، بمبادئ صياغة الدستور؛ والثالث: بآلية هيكلة الدولة الاتحادية، والرابع: بالترتيبات التأسيسية (للفترة الانتقالية)؛ أما الخامس والأخير: فيتعلّق بدور الأمم المتحدة من خلال دعم جهود تطبيق نتائج مؤتمر الحوار الوطني ومتابعة تقدم العملية السياسيَّة في المرحلة المقبلة، خصوصًا ما يتعلّق بالقضية الجنوبية، ومواصلة تنسيق مساعدات منظومة الأمم المتحدة والمساعدات الدوليَّة دعمًا للعملية الانتقالية السياسيَّة في اليمن.
وإجمالاً فإنّ الجميع ينتظرون ما سيعلنه حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه، اليوم الخميس، فيما يتعلّق بموقفهم النهائي من وثيقة «مسودة مخرجات الحوار»، الذي على ضوئه سوف يتحدَّد مستقبل الحوار ومسيرة التسوية السياسيَّة في اليمن. في ذات السياق داهمت قوات الشرطة اليمنية فجر أمس الأربعاء ساحة العروض في مدينة عدن، حيث كان الجناح المتشدِّد للحراك الجنوبي يستعد للتظاهر رفضًا للحوار الوطني وتأكيدًا على مطلب الانفصال، مما أسفر عن اعتقال تسعة ناشطين حسبما أفاد مسؤول أمني وناشطون وكالة فرانس برس.
وقال الناشط حسن باعباد: «إن قوات أمنيَّة اقتحمت ساحة العروض التي كنّا نستعد فيها لإقامة تظاهرة حاشدة واعتقلت عددًا من الناشطين». من جانبه قال مسؤول أمني في عدن: «لن نسمح لأيِّ كان أن يحدث الفوضى في عدن سواء عبر التجمعات في ساحة العروض أو قطع الطرقات تحت مسمى العصيان المدني».
وأضاف أن «الحراك الجنوبي أصبح عدَّة مكونات وكل مكون يريد أن يحتج بطريقته، فهناك من يقطع الطرقات تحت مسمى عصيان وآخر يتظاهر في ساحة ويقطع شوارع عامة ويعطل حياة الناس». وأكَّد المسؤول دخول مركبات أمنيَّة إلى ساحة العروض فجر الأربعاء واعتقال تسعة ناشطين من الحراك من نشطاء من أنصار فصيل المجلس الأعلى للحراك الجنوبي الموالي لنائب الرئيس اليمني السابق علب سالم البيض.