(1)
تشرق الكتابة، تصبح أكثر بهاء وثراء في فضاء من الحرية..
لكي تكتب لابد أن يكون ذلك في بيئة حرة نقية، يسير قلمك على الورق دونما تلفّت إلى الوراء أو حساب لعدد خطواته وأنفاسه .. لكي تكون قادراً على التعبير عن كافة أفكارك دون مواربة أو خجل، دون أن تتعب كثيراً في اختيار العبارات وتغيير شيء من التفاصيل وبعض الشخصيات لكي تكون مناسبة لبيئة محافظة مقيدة بالواجبات والالتزامات والحصون المنيعة التي هي أشبه بالأسلاك الشائكة .. هذا الأمر يبدو حاجزاً حتمياً لابد أن يواجهه الكاتب سواء كاتب المقالة أو القصة، وفي كلتا الحالتين هذه الحدود لابد أن تؤثر سلباً على طبيعة النص وعلى مستوى العبارات والمعاني، حين أتحدث عن الحرية فأنا لا أقصد تلك الحرية المنفلتة، ولا أقصد فتح الباب على مصراعيه للألفاظ والكلمات السلبية غير المعقلنة التي تؤثر سلباً على القراء من فئة الصغار والمراهقين، فأنت حين تنشر في مطبوعات محلية ( صحف أو مجلات)، حين تفعل فأنت تعرض إنتاجك لكافة شرائح المجتمع، ولذا عليك أن تحتفظ بحد أدنى من الالتزام الذي لايؤثر على المعنى الذي تريد والكلمة التي تختار .
(2)
من أقدم وأشهر المكتبات العربية في لندن «دار الساقي» .. قبل أن أراها كنت أتخيلها فخمة رائعة تمتد على مساحة واسعة لكثرة مايتردد اسمها هنا وهناك بحكم شهرتها، لكن حين زرتها وجدتها صغيرة، محدودة المساحة، لكن رغم ذلك حتى الآن تحفل بالكثير من الكتب الجيدة، مشكلتها غلاء الأسعار خاصة بالنسبة للقادمين من بلاد أقل أسعاراً .. لكن ذلك يبدو مختلفاً بالنسبة لشخص عاشق للقراءة يود أن تكون الكتب المميزة ذات القيمة جزءاً من ذاكرة السفر لديه، على سبيل المثال أخذت أقبل وأدبر على أحد الكتب الذي لفت نظري، لكني كنت أعيده في كل مرة كنت أؤجل شراءه فلعلي أجده في موقع آخر أقل سعراً، رأيته للمرة الأولى العام الماضي لكنني هذه المرة لم أتردد طويلاً في اقتنائه رغم ارتفاع ثمنه وثقل وزنه، لن أفصح عن اسمه الآن لكني سأفصح عنه يوماً بإذن الله.
(3)
أعرف أن اسم المسؤول عن إحدى المكاتب هناك هو (أمين) لكنني ولسبب لا أعلمه كنت دائماً أنسى اسمه وأناديه (أيمن)، أما هو فقد كان في كل مرة يحتفي بي، ورغم أنه لايبدو مسنّاً إلا أنه كان دائماً كلما تحدثت ينحني برأسه إلي في محاولة للاقتراب بإذنه مني، عندها أقول إما أن صوتي هادئ أكثر مما يجب أو أن سمعه ضعيف قليلاً، زرت تلك المكتبة ذلك اليوم ورغبة مني في تذكر الاسم اتجهت إلى مكتب السكرتيرة فيما يبدو، سألتها عن اسم المدير، قالت (أمين) بلكنة عربية، سألتها : هل تتحدثين العربية أم أن أصولك عربية؟!
أجابت وهي تبتسم: لا بل أتحدث الإنجليزية وهي التي أجيدها لكن أمي إنجليزية وأبي عراقي، اختتمت حديثي معها بإشارة إعجاب ومن ثم بابتسامة متبادلة.