منذ توحيد هذا الكيان المملكة العربية السعودية والذي يدخل عمره (83) عاماً على يد الموحِّد الملك عبدالعزيز - طيَّب الله ثراه عليه سحائب الرحمة- وهو يهتم برجال الحسبة اهتماماً كبيراً، وقد كان لهم شأن كبير في القضاء على الفساد الأخلاقي والسلوكي والمساهمة في أمن المجتمع ولا سيما أن دور (الشرطة) في ذلك الوقت لم يكن منتشراً كما هو الحال الآن لعدم اتساع مساحات المدن وتشعّبها وقد سار أبناء الملك عبدالعزيز البررة حتى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز متعه الله بالصحة والعافية وأطال في عمره بالاستمرار على دعم هذا الجهاز الذي أصبح (الرئاسة العامة لهيئة الأمر بالمعروف والنهي عمن المنكر)، وأصبح من أجهزة الدولة التي ترتبط برئيس مجلس الوزراء مباشرة، حيث تم دعم هذا الجهاز بالإمكانات المادية والبشرية وأصبح له ميزانية مستقلة وانتشرت مكاتب الرئاسة في جميع مناطق ومحافظات ومراكز المملكة تؤدي دورها طبقاً لما رسم لها من خطة عمل بحيث لا تتجاوز هذه الخطة من تعليمات وتوجيهات ميدانية،
وقد ورد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في السنَّة والكتاب ولا ينكره أحد وهو من الأمور المهمة في مجتمعنا المسلم المتمسك بالدين الإسلامي ودائماً ما يحث معالي رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العاملين في الهيئة على عدم مطاردة الناس أو سحب الجوالات منهم وأن يترفّقوا بالناس ويصدّقوهم عندما يوقفوهم ومعهم زوجاتهم أو أخواتهم فهم مؤتمنون، وأن يخلوا سبيلهم كما قال العلاَّمة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله- في أحد لقاءاته الإذاعية وسمعتها بنفسي أن الشخص مؤتمن على ما يقول عندما يسأل في مثل هذه المواقف،
ودائماً ما نسمع المتحدث الرسمي باسم الهيئة في الصحافة والوسائل المقروءة والمسموعة يتكلم عن حسن تعامل العاملين في الهيئة مع أفراد المجتمع إلا أن هذا يخالف الواقع ويخالف الممارسات الميدانية التي نسمع عنها باستمرار ولا شك أن عمل الهيئة ضروري لضبط المخالفين وضبط المحظورات من مخدرات ومسكرات وضبط المعاكسين من الشباب وإيقاف من تثبت عليه المخالفات وإبلاغ الشرطة عنه لتقوم بدورها في معاقبته إذا ثبت عليه الجرم أو عرضه على القاضي المختص،
وقد أقرَّ معالي الرئيس العام للهيئة الدكتور عبداللطيف بن عبدالعزيز آل الشيخ بأن هناك قصوراً إعلامياً غير مقصود من قبل الهيئة وأن هناك أخطاء قليلة وأن مكتبه مفتوح لكل الإعلاميين والمواطنين لطرح أي قضية أو ملاحظة، وأشار إلى أنه لا يوجد في الهيئة أي تجاوزات وأن من لديه الحجة فليقدّمها ولا يلقيها جزافاً وعليه أن يقدِّم البيِّنة، وأشار معاليه إلى أنه قد تم رصد ثلاثة تجاوزات فقط في العام الحالي وأنه من الظلم تعميم خطأ أي موظف في الهيئة على جهاز الحسبة،
ومن أمثلة التجاوزات إذا صحت والتي نقلتها جريدة الجزيرة في عددها الصادر يوم الجمعة 7 من شهر ذي القعدة 1434هـ بعنوان: (مواطن يتهم هيئة عنيزة بقذف زوجته بعد متابعة مركبة الهيئة له وزوجته برفقته وتم إيقافه،، إلخ ومن ثم سجنه سجناً انفرادياً من قبل الشرطة لمدة خمسة أيام وأنه رفع قضيته لسمو نائب أمير منطقة القصيم،
بينما تقول الهيئة إن الرجل تم استيقافه في مكان منعزل ولم يتجاوب مع الفرقة للتحقق من وضعه، بل قام بالتحرك إلى مكان عام وتمكين المرأة التي معه من الدخول في ذلك المكان،
وكذلك حالة الرجل الذي اعتدي عليه بالضرب بسبب صلاته في مقر مؤسسته،
إذاً فليس هناك داع للمطاردة بالسيارات مما قد يوقع الحوادث ولا سحب الهواتف المحمولة سواء كان من الرجال أو النساء لأن هذا تدخل في حياة وأمور وحرية الناس الشخصية فكم تحمل هذه الهواتف من أسرار وصور تخص صاحبها وعائلته فكيف يسمح لرجال الهيئة بالاطلاع عليها، فهذا الأمر محرج للغاية ولا يليق أن يتبع مع الأشخاص عند إيقافهم من قِبل رجال الهيئة إذا كان هناك سبب جوهري لهذا التوقيف،
إن تعليمات معالي الرئيس كما أشرنا واضحة وجلية ولكن البعض من رجال الهيئة يمارس في الميدان عكس هذه التعليمات وما رسم لهم من خطة عمل يسيرون عليها ومع ذلك يكررون الأخطاء, ويطلبون الإثباتات التي قد لا تكون موجودة في تلك اللحظة، وإنما الرفق بالناس فالشخص حتى وإن كان موقفه سليماً يخشى أن يوقفه أحد ويصبح عرضة لأنظار الآخرين وهمساتهم على زوجته أو أخته التي تركب معه فكم سمعنا من حوادث تقع للأشخاص داخل سياراتهم أثناء مطاردتهم ويقعون ضحية لهذه المطاردة،
هذا والله من وراء القصد,,,
- مندل عبدالله القباع