لا أجد وصفاً لائقاً بالبطء الذي نعاني منه، أكثر من تسميتنا لجسور تم إنشاؤها منذ عهد الملك خالد، سميت «الكباري المؤقتة» وتمتد في شارع العصارات الذي يقسم حي عليشة عن حي أم سليم، هذه الكباري الحديدية التي تقطع شوارع التلفزيون والخزان والشميسي الجديد، وصولاً إلى تفرع الجسر الأخير إلى طريقين، أحدهما إلى البديعة، والآخر إلى شارع عسير، ولا يكاد الواحد منهما يتسع لدراجة نارية من شدة ضيقه، وما زالت هذه الجسور البدائية تحت الاستخدام رغم مضي أربعون عاماً على إنشائها!
كثير من المشروعات التي كنا نحلم بها تعاني من التسويف والتعطيل والمماطلة، كأنما السنة التي نعيشها اليوم هي شهر بالنسبة للعالم، أو كأن السنة والعام لدى العالم تعادل لدينا عقودا من السنوات، نسمع كثيرا عن مشروعات ستنفذ بعد ثلاث سنوات أو أربع أو خمس، لكن الزمن يمضي وهي تحت التأسيس، وتحت الإنشاء، أنشأنا مطارا في العاصمة قبل حوالي ثلاثين عاماً، ونمنا على أطلاله، في عاصمة تحتاج إلى مطارات، واحتفلنا بدرة الملاعب، واعتقدنا أنه لا يوجد، ولن يوجد ملعب يضاهيه، فانتثرت الملاعب في العالم، وحولنا، ونحن ننتظر الملعب الجديد في جدة، سمعنا عن متنزه الأمير سلمان في شمال الرياض، في ضاحية بنبان، لكن العمل في على مراحل، وفترات التوقف والنسيان أكثر من فترات العمل والإنجاز!
ما الذي يجعل حلمنا بطيئاً، وطموحنا لا يكاد يراه أحد، لماذا تأكلنا البيروقراطية بهذا الشكل، هل الأمر مرتبط بموظف هذه المؤسسات الحكومية؟ هل صغار الموظفين، أو ربما الإدارة التنفيذية تعاني من التسيب والإهمال، مما يجعل المشروعات تتعثر مراراً، هل المقاولون الذين يتولون هذه المشروعات مهملون؟ ولا يقوم بالرقابة عليهم أحد؟ أم أنهم يضطرون للمماطلة والتوقف لأنهم لا يستلمون دفعاتهم المالية حسب العقود المبرمة معهم؟
هل ثمة فساد في العمل، وفي العقود، وفي التسليم، وفي الاستلام؟ هل هناك ما يخفى على الجهات الرقابية، لم تدركه بعد؟ أم أنها تعرف المشكلة التي تؤدي إلى هذا الإهمال والتعطيل لكنها لا تملك الحل؟
كثيراً ما يلاحظ المواطن هذا التعطيل والتأخير في العمل، بالرغم من العدادات التي تم وضعها على بعض المشروعات الحكومية، تجد أن تاريخ التسليم مضى عليه شهور، والمشروع لم يزل تحت الإنشاء، مما يعني أن المقاول وصل إلى مرحلة من التبلد، أو من اليأس. لم يبلغها أحد غيره، فلا يعنيه هذا العداد، لمشروعه، ولا يكترث بمضي الأيام والشهور والسنوات!
نحن بالطبع بحاجة إلى تفعيل الجهات الرقابية، ومنحها المزيد من الصلاحيات، ولسنا بالطبع ننتظر هيئة خاصة لمكافحة البيروقراطية، لأن الحل بسيط، يتمثل في سن نظام الحوافز والعقوبات على الموظفين، ومراقبة التنفيذ، والالتزام بالعقود المبرمة مع القطاع الخاص.