أظهر فيديو بثه التلفزيون الصيني الرسمي في نشرة أخباره حجم معاناة فراق (فيل صغير) لأمه التي حاولت دهسه عدة مرات للتخلص منه على ما يبدو؟!. ولكن العاملون في محمية (شيندياوشان) الصينية، عزلوا الصغير في حظيرة لوحده، وعندها أنخرط (الفيل الصغير) في نوبة بكاء هستيرية وأخرج الدموع من عينيه لنحو 5 ساعات متواصلة حزناً على فراق (أمه)، القائمون على الحديقة يحاولون الآن مواساة الفيل الصغير وإشغاله بالحليب والاهتمام به، ولكنه سرعان ما يتذكر فراقه لأمه، ويبدأ في الكآبة والحزن، مما يدل على أنه لا يقوى على فراقها !.
إذا كان هذا حال الفيل، الذي نعتقد ونؤمن أنه حيوان ضخم لا عقل له، ولكنه تحرك وفق الغريزة والفطرة التي فطر الله المخلوقات عليها، فكيف يمكن أن نصف حال من يملك درجة علمية، ووظيفة مرموقة، ويعيش حياة مرهفة ومنعمة مع أولاده من بني البشر، متناسياً أن أحد والديه على قيد الحياة، إما في مصحة طبية، أو دار عجزة، أو في بيت أحد أشقائه أو أقاربه، ومكتفياً بمصروف مالي شهري، يعتقد أنه يقيه العثرات، ويجنبه اللوم أو الذنب؟!.
بعيداً عن التنظير أو المثاليات، نحن نعيش في واقع مؤلم ومخيف، وقصص يندى لها الجبين ولا يكاد أحد يصدق أنها تحدث في مجتمع سوي مسلم مستقيم، صور لعقوق وتبرأ من الوالدين أو أحدهما، لأن الزمن كما يعتقد هؤلاء (المجرمون العاقون) قد تجاوز كبار السن، والمضحك أن هذا العاق يعطف على طفله الصغير، ليحسن تربيته، منتظراً أن يجني عاقبة ذلك في الكبر، متناسياً أن هذه مسألة دين وسلف (متفق عليها) !.
مجتمعنا يحاول التستر على قصص العقوق، وعدم نشرها حتى لا يستمرئ الناس عليها، ويتعودوا على تفشي مثل هذه الصور بينهم، ورغم اعتقادي أن المعالجات الدرامية الفنية لهذه المسألة ضمن أعمال فنية يعد مبالغة، إلا أنني أظن أن نشر الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية في قضايا العقوق (أمر جيد) ليتعظ الناس، ولكي تُحفظ هيبة الآباء والأمهات بيننا!.
رغم قناعتي أنه لا خير في (ابن عاق) سيتعظ من حكم صدر بسجن وعقاب شبيه له، لأن (بر الوالدين) من خلق الأنبياء وكرم النفس وحسن الوفاء، وعين الفطرة السوية!.
أليس في صغير الفيل لنا عبرة؟!.
وعلى دروب الخير نلتقي.
fahd.jleid@mbc.netfj.sa@hotmail.com