تونس - فرح التومي - الجزيرة:
بدأ التونسيون أمس الاثنين أسبوعًا جديدًا يضاف إلى الأسابيع السابقة من الأزمة العاصفة وذلك بتوجه أكثر من مليوني تلميذ وتلميذة من مختلف المستويات التعليميَّة إلى المؤسسات التربويَّة في أول يوم من العودة المدرسية التي جاءت هذا العام بطعم المرارة لأنّها جرت في أجواء احتقان وتوتر سياسي لا يشجع على وضع حد للأزمة السياسيَّة المستفحلة التي تعيشها البلاد منذ قرابة الشهرين،الأسبوع الجديد الذي أراده اتحاد الشغل والمنظمات الوطنيَّة الثلاثة الراعية للحوار معه، أسبوع الحسم، لا يستبعد المحللون السياسيون أن يمر كسابقيه بالرغم من تهديد الرباعي الوسيط بين الفرقاء السياسيين بإمكانية لجوئه إلى التصعيد في حال فشل الجولة الجديدة من المفاوضات الماراثونية العقيمة،لقد تيقن الجميع أن الأزمة السياسيَّة والاقتصاديَّة والأمنيَّة التي يعاني منها التونسيون جميعًا، ولا يبالي رجال السياسة، أن داخل السلطة أو خارجها، بتواصلها واستفحالها يومًا بعد آخر، تستوجب القليل من التنازل من هذا الطرف وذاك بالنظر إلى الضغوطات الخطيرة من الداخل واعتبارًا للقلق الخارجي إقليميًّا وعربيًّا ودوليًّا حيال استمرار عدم الاستقرار في بلد ذي موقع إستراتيجي مهم يفتح بوابة للغرب على الشرق والجنوب،فبعد التصريحات النارية ودق رجال المال والأعمال لناقوس الخطر بسبب تأزم الوضع الاقتصادي وانهيار الدينار التونسي وتراجع نسق الاستثمار في ظرف تحتاج فيه البلاد أكثر من أيّ وقت مضى إلى مضاعفة مواطن التنمية، بات من الأكيد أن الوقت لم يعد يسمح بالمزيد من التلاعب بمصير تونس وشعبها المجروح والمضروب في مقدرته الشرائية وفي سبل عيشه،مصادر إعلاميَّة وسياسيَّة وأمنيَّة اتفقت على أن الخطر القادم من ليبيا الذي يزداد بل يتضاعف يومًا بعد آخر متجاوزًا ومتحديًّا لجهود الأمن والمتمثل في تهريب الأسلحة، يعتبره المهتمون بالوضع السياسي الراهن، عنصرًا إضافيًّا يدفع في اتجاه التعجيل بإيجاد حلٍّ للأزمة التي ضربت كل القطاعات بالبلاد بلا استثناء، من ذلك أن جهات خارجية دخلت على الخط وأصبحت تشكّل ما يشبه الطرف الرابع في الحوار عبَّر تشجيعها ديبلوماسييها على الالتقاء بطرفي النزاع، كل على حدة، وحثّهما على مزيد التنازل بما يجعل التوافق يسيرًا بينهما وبالتالي يفتح الطريق أمام حلٍّ يجنب البلاد وما جاورها ويلات الفوضى والمجهول،وكانت أخبار راجت عن محاولة الجزائر من خلال سي رئيسها العائد للتو من رحلة علاج مضنية بالخارج، إلى تشجيع طرفي الخلاف على رأب الصدع وتقريب وجهات النظر بينهما، وهو تحرّك سياسي وإن لم يرق لعدة أطراف في المعارضة، إلا أنّه كان مصطبغًا بالكثير من الحميمية نظرًا لعلاقة الرئيس بوتفليقة بالقياديين في حركة النهضة ونداء تونس إلا أن الحديث عن وساطة حقيقية لبوتفليقة بين الغنوشي والسبسي والحسين العباسي رئيس اتحاد الشغل، فيه الكثير من المبالغة باعتبار أن الهاجس الأمني كان الدافع الرئيس للرئيس الجزائري الحريص على أن يعم الاستقرار الدول المجاورة وأن تكون كامل حدوده مؤمنة ضد تسرب الإرهابيين والأسلحة على حدٍّ سواء،وكانت تقارير أمنيَّة ألمحت إلى أن الزيارة العاجلة لزعيم النهضة راشد الغنوشي «لأخيه» الرئيس بوتفليقة، كانت دواعيها أمنيَّة وسياسيَّة بحتة، حيث أفادت ذات المصادر أن بوتفليقة أعلم ضيفه بقرب حدوث متغيِّرات إستراتيجية مهمة في منطقة المغرب العربي ذات صلة بما يقع بالشرق الأوسط والمشرق العربي عمومًا، وهي متغيِّرات بحسب ما راج قد تَمَّ الحسم فيها ويستحيل تداركها، وقالت أوساط سياسيَّة هنا: إن الأمل أصبح اليوم معلّقًا على الأطراف الخارجيَّة التي قد تنجح عبر فرض ضغوطات نوعية أخرى في إذابة الجليد بين الفرقاء السياسيين، الذين يبدو أنهَّم ليسوا على يقين تام بأن خطرًا خارجيًّا كبيرًا يحدق بالبلاد ويتربص بالشعب التونسي ولن يكون من اليسير القضاء عليه إذا ما تسلَّل وتمركز في الداخل،ووفق ما تَمَّ الإعلان عنه هنا، فإنَّ الجزائر وجهت برقية عاجلة إلى تونس مفادها أن جماعات إرهابية بصدد وضع اللمسات الأخيرة لعملية تهريب كبرى للسلاح انطلاقًا من ليبيا في اتجاه الجزائر مرورًا بتونس، وكانت المؤسسة العسكرية الجزائرية دعت نظيرتها التونسية إلى توسيع دائرة مراقبتها للحدود الثلاثية خاصة بعد فرار معتقلين مصنفين خطرين من السجون الليبية واشتداد المعارك بين القبائل الليبية المسلحة على الحدود، وفي سياق سياسي متصل، تجدر الإشارة إلى أن حركة النهضة التي أصابت ما يسمى بجبهة الإنقاذ المعارضة في مقتل باستمالتها الركيزة الأساسيَّة لها أيّ حركة نداء تونس وزعيمها الباجي قائد السبسي، أضحت هي الأخرى تعاني انقسامًا على مستوى تحالفها مع حزبي المؤتمر والتكتل، فقد أفاد الناطق الرسمي باسم التكتل، محمد بنور بأن ضلعي الترويكا الآخرين النهضة والمؤتمر هما المسؤولان عن تعثر المفاضات مع اتحاد الشغل، مضيفًا أن حليفيه وضعا شروطًا مُتعدِّدة للتوافق في وقت قبل فيه التكتل بمبادرة الاتحاد شكلاً ومضمونًا، وهو تصريح رأى فيه الملاحظون مؤشرات انشقاق قد يضرب الترويكا في مقتل بعد أن فشلت المعارضة بطم طميمها في بث التفرقة.