ما الذي يمكن أن أكتبه عن «العمل» كموضوع تعبير؟
هكذا تساءلتُ وأنا في دوامة تفكير بينما أُحضّر فرضي المدرسي في سنتي الدراسية السادسة، لكنني لم أخلُص لكتابة كلمة واحدة مما اضطرني لتناول كتاب من مكتبة والدتي ونسخ موضوع عن «العمل».
في الصف قدّمت موضوعي للمعلمة التي أشادت به بطريقة لم أعهدها من معلماتنا في ذلك الوقت، فلم تكن لغة التشجيع وتعزيز الثقة والإكبار من الأساليب المعتادة. مما أدخلني في صراع حقيقي بين الفخر والإحساس بالذنب.
منذ يوم موضوع «العمل» وأنا الطالبة المفضّلة في الفصل. وكنت أحظى على كلمات الثناء والتقدير والمعاملة الخاصة. حتى حان اختبار منتصف العام وكانت الورطة الحقيقية. الموضوعات المقترحة - كالعادة - غير جذابة ولا ملائمة لأعمارنا وبقيتُ ساعة أتأمل الورقة البيضاء (الحجازي) ورأسي خالٍ تماماً من أي فكرة شاردة.. تذكّرتُ مدائح المعلمة طوال أيامي الدراسية فأُسقط في يدي!
قضيتُ إجازة منتصف العام كأسوأ ما تكون الإجازات، ومرّت الأيام ثقيلة مؤلمة وأنا أترقّب لقائي الأول بمعلمة اللغة العربية وكيف ستكون ردّة فعلها!.
وفي بداية الأسبوع الدراسي الأول كان اللقاء المرتقب. قابلتني بعدم اهتمام ولم تلتق عيناها بعيني البتة. ألقت تحية عامة وبدأت حديثها عن اختبارات الفصل الأول وحصيلة الدرجات، ثم التفتت نحوي بنظرة خائبة الأمل، وقالت كلمة لا أنساها: « في الاختبار نعرف عادة من الذين كان جهدهم ذاتياً وليس اعتماداً على الآخرين». هبطت كلماتها على قلبي كالنّصل البارد. واخترقني حتى نهاية العام. ولم أكن لأتنفس هواءً نقياً إلاّ بعد انتهاء مدة دراستي وانتقالي للمرحلة المتوسطة، بحيث تتغيّر مَدرستي ومعلماتي ويكون اللقاء بها مستحيلاً.. في إجازة نهاية العام. وبين مرحلتي الابتدائية والمتوسطة كانت الفيصل.
هنا حانت لحظة التغيير. في هذا التوقيت نشأ لديّ هدف جديد: الكتابة!. ولأول مرة في حياتي أقتني كتاباً خاصاً بي وأنشئ مكتبتي.. وفي سن الثالثة عشر كتبتُ أول قصيدة عمودية في حياتي. فقد اكتشفت الشاعرة والقاصة داخلي.
وراء أهدافنا قصص صغيرة قد لا ينتبه لها أحد لكنها تكون الموّلد الأول للأهداف. غالباً ما نفكر في تحقيق الأهداف لكننا لا نفكر كيف نُنشئها. فقد تنشأ من تحدّ أو موقف مؤلم أو حاجة.. وقد يكون وراءها والد أو معلّم أو صديق كان هو نقطة الانطلاق ومصدر الإلهام!.
kowther.ma.arbash@gmail.comkowthermusa@ تويتر